للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي عَزْلِ الْإِمَامِ لِلْأَمِيرِ، وَلِلْوَالِي، وَلِلْقَاضِي، وَفِي عَزْلِ هَؤُلَاءِ لِمَنْ جُعِلَ إلَيْهِمْ أَنْ يُوَلُّوهُ وَلَا فَرْقَ - لِأَنَّهُ عَزَلَهُ بِغَيْرِ أَنْ يُعْلِمَهُ بَعْدَ أَنْ وَلَّاهُ وَأَطْلَقَهُ عَلَى الْبَيْعِ، وَعَلَى الِابْتِيَاعِ، وَعَلَى التَّذْكِيَةِ، وَالْقِصَاصِ، وَالْإِنْكَاحِ لِمُسَمَّاةٍ وَمُسَمًّى -: خَدِيعَةٌ وَغِشٌّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ٩]

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» فَعَزْلُهُ لَهُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ، أَوْ يَكْتُبَ إلَيْهِ أَوْ يُوصِي إلَيْهِ: إذَا بَلَغَك رَسُولِي فَقَدْ عَزَلْتُك - فَهَذَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حُقُوقِ نَفْسِهِ كَمَا يَشَاءُ، فَإِذَا بَلَغَهُ فَقَدْ صَحَّ عَزْلُهُ، وَلَيْسَ لِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يُخَاصِمُهُ مِنْ عَزْلِ وَكِيلِهِ وَتَوْلِيَةِ آخَرَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي ذَلِكَ قَدْ صَحَّ، وَلَا بُرْهَانَ عَلَى أَنَّ لِلْخَصْمِ مَنْعَهُ مِنْ عَزْلِ مَنْ شَاءَ وَتَوْلِيَةِ مَنْ شَاءَ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْخَصْمِ؟ قُلْنَا: لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، بَلْ الضَّرَرُ كُلُّهُ هُوَ الْمَنْعُ مِنْ تَصَرُّفِ الْمَرْءِ فِي طَلَبِ حُقُوقِهِ بِغَيْرِ قُرْآنٍ أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَلَا سُنَّةٍ - وَهَذَا هُوَ الشَّرْعُ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.

[مَسْأَلَةٌ الْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ]

١٣٦٦ - مَسْأَلَةٌ:

وَالْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ بَلَغَ ذَلِكَ إلَى الْوَكِيلِ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِخِلَافِ مَوْتِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ إنْ مَاتَ فَالْوُلَاةُ كُلُّهُمْ نَافِذَةٌ أَحْكَامُهُمْ حَتَّى يَعْزِلَهُمْ الْإِمَامُ الْوَالِي، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] وَالْمَالُ قَدْ انْتَقَلَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ إلَى وَرَثَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ فِي مَالِهِمْ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُوَكِّلُوهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِمَّنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ، «وَقَدْ قُتِلَ أُمَرَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>