وَمُؤَدِّبٌ، قَالَ: وَصَمَتَ عَلِيٌّ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: إنْ كَانُوا قَالُوا بِرَأْيِهِمْ فَقَدْ أَخْطَأَ رَأْيُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَالُوا فِي هَوَاك؟ فَلَمْ يَنْصَحُوا لَك، أَرَى أَنَّ دِيَتَهُ عَلَيْك لِأَنَّكَ أَنْتَ أَفْزَعْتهَا، وَأَلْقَتْ وَلَدَهَا فِي سَبِيلِك، فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَقْسِمَ عَقْلَهُ عَلَى قُرَيْشٍ - يَعْنِي: يَأْخُذَ عَقْلَهُ مِنْ قُرَيْشٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَدْ اخْتَلَفُوا، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] .
فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: ١٣٥] ، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: ١٠٤] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ» .
فَصَحَّ أَنَّ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَفْتَرِضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأَئِمَّةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَمْرًا إنْ لَمْ يَعْمَلُوهُ عَصَوْا اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ يُؤَاخِذُهُمْ فِي ذَلِكَ؟ وَوَجَدْنَا هَذِهِ الْمَبْعُوثُ فِيهَا: بُعِثَ فِيهَا بِحَقٍّ، وَلَمْ يُبَاشِرْ الْبَاعِثُ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ دِيَةُ وَلَدِهَا لَوْ بَاشَرَ ضَرْبَهَا أَوْ نَطْحَهَا - وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَاشِرْ فَلَمْ يَجْنِ شَيْئًا أَصْلًا.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ مَنْ رَمَى حَجَرًا إلَى الْعَدُوِّ فَفَزِعَ مِنْ هُوِيِّهِ إنْسَانٌ فَمَاتَ، فَهَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى حَائِطًا فَانْهَدَمَ، فَفَزِعَ إنْسَانٌ فَمَاتَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ سَمَّ طَعَامًا لِإِنْسَانٍ]
٢١٢٥ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ سَمَّ طَعَامًا لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ دَعَاهُ إلَى أَكْلِهِ، فَأَكَلَهُ، فَمَاتَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ مَنْ سَمَّ طَعَامًا وَقَدَّمَهُ إلَى إنْسَانٍ وَقَالَ لَهُ: كُلْ فَأَكَلَ فَمَاتَ، فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute