للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: كِلَا الْقَوْلَيْنِ عُمْدَةُ أَهْلِهِ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» ، فَوَجَبَ النَّظَرُ فِي أَيِّ الْقَوْلَيْنِ هُوَ أَسْعَدُ بِهَذَا الْقَوْلِ، فَوَجَدْنَا مَنْ طَهَّرَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَلْبَسَهَا الْخُفَّ فَلَمْ يَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَإِنَّمَا لَبِسَ الْوَاحِدَ وَلَا أَدْخَلَ الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ، إنَّمَا أَدْخَلَ الْقَدَمَ الْوَاحِدَةَ، فَلَمَّا طَهَّرَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ أَلْبَسَهَا الْخُفَّ الثَّانِيَ صَارَ حِينَئِذٍ مُسْتَحِقًّا لَأَنْ يُخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ أَدْخَلَهُمَا طَاهِرَتَيْنِ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا الْوَصْفَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَصَحَّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ، وَلَوْ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَمَا قَالَ هَذَا اللَّفْظَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: دَعْهُمَا فَإِنِّي ابْتَدَأْتُ إدْخَالَهُمَا فِي الْخُفَّيْنِ بَعْدَ تَمَامِ طَهَارَتِهِمَا جَمِيعًا، فَإِذْ لَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَذَا الْقَوْلَ فَكُلُّ مَنْ صَدَقَ الْخَبَرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَدْخَلَ قَدَمَيْهِ جَمِيعًا فِي الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ الْإِدْخَالِ، وَمَا عَلِمْنَا خَلْعَ خُفٍّ وَإِعَادَتَهُ فِي الْوَقْتِ يُحْدِثُ طَهَارَةً لَمْ تَكُنْ، وَلَا حُكْمًا فِي الشَّرْعِ لَمْ يَكُنْ، فَالْمُوجِبُ لَهُ مُدَّعٍ بِلَا بُرْهَانٍ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ فِي الْخُفَّيْنِ أَوْ فِيمَا لَبِسَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ خَرْقٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ]

٢١٦ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ كَانَ فِي الْخُفَّيْنِ أَوْ فِيمَا لَبِسَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ خَرْقٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ، طُولًا أَوْ عَرْضًا، فَظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْقَدَمِ، أَقَلُّ الْقَدَمِ أَوْ أَكْثَرُهَا أَوْ كِلَاهُمَا فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْمَسْحُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ جَائِزٌ، مَا دَامَ يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلَيْنِ مِنْهُمَا شَيْءٌ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَدَاوُد وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُفَّيْنِ خَرْقٌ عَرْضًا يَبْرُزُ مِنْ كُلِّ خَرْقٍ أُصْبُعَانِ فَأَقَلُّ أَوْ مِقْدَارُ أُصْبُعَيْنِ فَأَقَلُّ: جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ أَوْ مِقْدَارُهَا فَأَكْثَرُ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْخَرْقُ طَوِيلًا مِمَّا لَوْ فُتِحَ ظَهَرَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ جَازَ الْمَسْحُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ الْقَدَمُ جَازَ الْمَسْحُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَاحِشًا لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، فِيهِمَا كَانَ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: إنْ ظَهَرَ مِنْ الْقَدَمِ شَيْءٌ مِنْ الْخَرْقِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْخَرْقِ شَيْءٌ مِنْ الْقَدَمِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا.

قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: فَإِنْ كَانَ مِنْ تَحْتِ الْخَرْقِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ جَوْرَبٌ يَسْتُرُ الْقَدَمَ جَازَ الْمَسْحُ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنْ انْكَشَفَ مِنْ الْخَرْقِ فِي الْخُفِّ شَيْءٌ مِنْ الْقَدَمِ مَسَحَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>