وَفِي الزُّخْرُفِ {تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ} [الزخرف: ٧١] وَ {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: ٢٥٩] وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَالْقُرْآنُ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّهَا حَقٌّ، وَهَذَا كُلُّهُ حَقٌّ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تِلْكَ الْأَحْرُفِ بِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ عَلَى ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ فِي صَلَاتِهِ مُتَرْجَمًا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ]
٣٦٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فِي صَلَاتِهِ مُتَرْجَمًا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ بِأَلْفَاظٍ عَرَبِيَّةٍ غَيْرِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى، عَامِدًا لِذَلِكَ، أَوْ قَدَّمَ كَلِمَةً أَوْ أَخَّرَهَا عَامِدًا لِذَلِكَ -: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ فَاسِقٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: ٢] ، وَغَيْرُ الْعَرَبِيِّ لَيْسَ عَرَبِيًّا، فَلَيْسَ قُرْآنًا. وَإِحَالَةُ رُتْبَةِ الْقُرْآنِ تَحْرِيفُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمًا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالَ: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: ٤٦] . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ، وَاحْتَجَّ لَهُ مَنْ قَلَّدَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: ١٩٦] . قَالَ عَلِيٌّ: لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ عَلَيْنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْزِلْ عَلَى الْأَوَّلِينَ، وَإِنَّمَا فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ذِكْرُهُ وَالْإِقْرَارُ بِهِ فَقَطْ؛ وَلَوْ أُنْزِلَ عَلَى غَيْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَا كَانَ آيَةً لَهُ، وَلَا فَضِيلَةً لَهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ، وَمَنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَلْيَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى بِلُغَتِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] . وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ وَلَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ مُتَرْجَمًا عَلَى أَنَّهُ الَّذِي افْتَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي افْتَرَضَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا؛ فَيَكُونُ مُفْتَرِيًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ أَنْ يَتَعَوَّزَا لِلسُّورَةِ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ]
٣٦٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ أَنْ يَتَعَوَّذَا لِلسُّورَةِ الَّتِي مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ تَعَوَّذَا إذْ قَرَآ. وَمَنْ اتَّصَلَتْ قِرَاءَتُهُ فَقَدْ تَعَوَّذَ كَمَا أُمِرَ، وَلَوْ لَزِمَهُ تَكْرَارُ التَّعَوُّذِ لَمَا كَانَ لِذَلِكَ غَايَةٌ إلَّا بِدَعْوَى كَاذِبَةٍ، فَإِنْ قَطَعَ الْقِرَاءَةَ قَطْعَ تَرْكٍ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ قِرَاءَةً فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute