للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَوْله تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] .

فَوَجَدْنَا الْمُعْتَدَّةَ إذَا حَاضَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَا مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ بِلَا شَكٍّ، بَلْ هِيَ مِنْ اللَّائِي حِضْنَ، فَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ - وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَكُونَ مِنْ اللَّائِي يَحِضْنَ، وَتَكُونَ عِدَّتُهَا الشُّهُورَ.

فَصَحَّ أَنَّ حُكْمَ الِاعْتِدَادِ بِالشُّهُورِ قَدْ بَطَلَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ الْعِدَّةِ.

وَصَحَّ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْأَقْرَاءِ، أَوْ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ إنْ حَمَلَتْ.

وَأَمَّا انْتِقَالُهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَقَطْ، وَإِلَّا فَلَا؛ فَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ تَرِثُهُ وَيَرِثُهَا، فَهِيَ مُتَوَفًّى عَنْهَا فَيَلْزَمُهَا بِالْوَفَاةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ عِدَةُ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ دَمُهَا وَلَا تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا]

١٩٩٣ - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ دَمُهَا وَلَا تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ قَبْلَ ذَلِكَ بِعِدَّتِهَا: فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهَا لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا حَيْضٌ قَطُّ، فَهِيَ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ مَعْرُوفٌ فَنَسِيَتْهُ، أَوْ نَسِيَتْ مِقْدَارَهُ وَوَقْتَهُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ مِقْدَارًا تُوقِنُ فِيهِ أَنَّهَا قَدْ أَتَمَّتْ ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ وَحَيْضَتَيْنِ، وَصَارَتْ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَا بُدَّ.

فَإِذَا مَضَى الْمِقْدَارُ الْمَذْكُورُ فَقَدْ حَلَّتْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ - بِلَا شَكٍّ - فَعَلَيْهَا إتْمَامُ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ -، وَأَمَّا إذَا تَمَيَّزَ دَمُهَا فَأَمْرُهَا بَيِّنٌ إذَا رَأَتْ الدَّمَ الْأَسْوَدَ فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِذْ رَأَتْ الْأَحْمَرَ، أَوْ الصُّفْرَةَ فَهُوَ طُهْرٌ.

وَكَذَلِكَ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ دَمُهَا إلَّا أَنَّهَا تَعْرِفُ أَيَّامَهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ إذَا جَاءَتْ أَيَّامُهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهَا حَيْضًا، وَبِأَيَّامِهَا الَّتِي كَانَتْ تَطْهُرُ فِيهَا طُهْرًا.

وَقَدْ ذَكَرْنَا بُرْهَانَ ذَلِكَ -: فِي " كِتَابِ الْحَيْضِ " فِي " الطَّهَارَةِ " مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ، وَهِيَ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذَكَرْنَا.

وَأَمَّا الْمُسْتَرِيبَةُ - فَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالشُّهُورِ فَأَتَمَّتْهَا إلَّا أَنَّهَا تُقَدِّرُ أَنَّهَا حَامِلٌ وَلَيْسَتْ مُوقِنَةً بِذَلِكَ، وَلَا بِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا؟ فَهَذِهِ امْرَأَةٌ لَمْ تُوقِنُ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ قَطْعًا، وَلَا تُوقِنُ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>