فَلَمْ يَخْتَلِفْ مُسْلِمَانِ قَطُّ فِي أَنَّ هَذَا خَيْرٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ كَدُخُولِ الْأَحْرَارِ وَالْحَرَائِرِ، وَحَرَامٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يَرْضَى عَمَّنْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ، فَإِذْ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْعَامِلِ بِالصَّالِحَاتِ، فَفُرِضَ عَلَيْنَا أَنْ نَرْضَى عَنْهُ، وَإِذْ فُرِضَ عَلَيْنَا أَنْ نَرْضَى عَنْهُ، فَفُرِضَ عَلَيْنَا قَبُولُ شَهَادَتِهِ.
وَأَمَّا مَنْ رَدَّهَا لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَدْ يُجْبِرُهُ سَيِّدُهُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَهُ.
قُلْنَا: لَوْ كَانَ هَذَا مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ لَكَانَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِلْإِمَامِ إذَا شَهِدَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَقْدَرُ عَلَى رَعِيَّتِهِ مِنْ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تُعْدِيهِ جَمِيعُ الْحُكَّامِ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا تَظَلَّمَ مِنْهُ وَيَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَذَاهُ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَحُولَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالرَّجُلِ مِنْ رَعِيَّتِهِ، فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِ مُخَالِفِينَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
[مَسْأَلَة شَهَادَة الْأَقَارِب]
١٧٩٣ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ عَدْلٍ فَهُوَ مَقْبُولٌ لِكُلِّ أَحَدٍ وَعَلَيْهِ، كَالْأَبِ وَالْأُمِّ لِابْنَيْهِمَا، وَلِأَبِيهِمَا وَالِابْنِ وَالِابْنَةِ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ، وَالْجَدَّاتِ، وَالْجَدِّ، وَالْجَدَّةِ لِبَنِي بَنِيهِمَا، وَالزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ، وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَقَارِبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، كَالْأَبَاعِدِ وَلَا فَرْقَ.
وَكَذَلِكَ الصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ لِصَدِيقِهِ، وَالْأَجِيرُ لِمُسْتَأْجِرِهِ، وَالْمَكْفُولُ لِكَافِلِهِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لِأَجِيرِهِ، وَالْكَافِلُ لِمَكْفُولِهِ، وَالْوَصِيُّ لِيَتِيمِهِ.
وَفِيمَا ذَكَرْنَا خِلَافٌ -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ لَا تَصِحُّ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْأَبُ لِابْنِهِ، وَلَا الِابْنُ لِأَبِيهِ، وَلَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ.
وَصَحَّ هَذَا كُلُّهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمَا فِي الْأَبِ، وَالِابْنِ.
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ: قَوْلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْوَلَدَ يُقْبَلُ لِأَبِيهِ، وَلَا يُقْبَلُ الْأَبُ لِابْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ مَتَى شَاءَ، وَأَنَّ الزَّوْجَ يُقْبَلُ لِامْرَأَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ هِيَ لَهُ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute