للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَنْ رَأَى قَتْلَهُ، أَوْ قَطْعَ يَدِهِ وَرِجْلِهِ، فَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً، إلَّا أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ مُحَارِبًا - وَلَيْسَ هَاهُنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُحَارِبٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخِفْ طَرِيقًا، فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ، وَدِمَاؤُنَا حَرَامٌ، فَدَمُ النَّبَّاشِ حَرَامٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة مَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى آخِذِهِ الْقَطْعُ]

٢٢٧٢ - مَسْأَلَةٌ: مَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى آخِذِهِ الْقَطْعُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَنَازَعَ النَّاسُ فِي أَشْيَاءَ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهَا.

وَقَالَ قَوْمٌ: فِيهَا الْقَطْعُ، مِنْ ذَلِكَ: التَّمْرُ، وَالْجُمَّارُ، وَالشَّجَرُ، وَالزَّرْعُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي نا سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْغَوْصِيُّ عَنْ الْحَسَنِ - هُوَ ابْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ - عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ» وَالْكَثَرُ الْجُمَّارُ - وَفِي هَذَا آثَارٌ كَثِيرَةٌ لَمْ نَذْكُرْهَا، لِئَلَّا نُطَوِّلَ بِذِكْرِهَا، وَلَوْ صَحَّتْ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهَا بِذَلِكَ، وَلَلَزِمَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يُقْطَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرِ، وَالْحُبُوبِ - سَوَاءٌ حُصِدَ أَوْ لَمْ يُحْصَدْ، جُدَّ أَوْ لَمْ يُجَدَّ - كَانَ فِي الْمَخَازِنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ - لِعُمُومِ هَذَا اللَّفْظِ.

وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْيَابِسَ ثَمَرًا، فَقَالَ {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ} [النحل: ٦٧] فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَا تُثْمِرُهُ الشَّجَرَةُ، وَالنَّخْلَةُ، وَالزَّرْعُ، ثَمَرًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} [الأنعام: ١٤١] الْآيَةَ إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] .

فَوَجَبَ الْحَقُّ فِيهِ يَوْمَ حَصَادِهِ - وَالْحَصَادُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَابِسِ - وَأَمَّا سَاقُ الشَّجَرِ، وَالنَّخْلِ، وَأَغْصَانُهُ، فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ ثَمَرٍ أَصْلًا، لَا فِي لُغَةٍ، وَلَا فِي شَرِيعَةٍ.

وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا، فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا قَطْعَ فِيمَا يَفْسُدُ مِنْ يَوْمِهِ مِنْ الطَّعَامِ، مِثْلَ: الثَّرِيدِ، وَاللَّحْمِ، وَمَا أَشْبَهَهُ، لَكِنْ يُعَزَّرُ. وَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ فِي شَجَرَتِهَا لَمْ تُقْطَعْ الْيَدُ فِي سَرِقَتِهَا، لَكِنْ يُعَزَّرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>