الْفَرْجُ الَّذِي كَانَ حَلَالًا، أَوْ نَكَحَ ذَاتَ زَوْجٍ؛ أَوْ فِي عِدَّةٍ، أَوْ بِغَيْرِ الْكَلَامِ الَّذِي أَبَاحَ بِهِ النِّكَاحَ وَحُلِّلَ بِهِ الْفَرْجُ الْحَرَامُ قَبْلَهُ؛ أَوْ بَاعَ بَيْعًا مُحَرَّمًا؛ أَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ؛ أَوْ وَهَبَ هِبَةً لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهَا، أَوْ أَعْتَقَ عِتْقًا حَرُمَ عَلَيْهِ؛ كَمَنْ أَعْتَقَ غُلَامَ غَيْرِهِ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَوْبٍ عَلَى الْأَوْثَانِ - فَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ تَبْطُلُ شَرِيعَةٌ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ أُخْرَى؛ لَكِنْ بِأَنْ يَعْمَلَ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ تُعْمَلَ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي صَبَغَ لِحْيَتَهُ بِحِنَّاءٍ مَغْصُوبَةٍ، فَإِنْ صَلَّى حَامِلًا لِتِلْكَ الْحِنَّاءِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ. وَأَمَّا إذَا نَزَعَهَا وَلَمْ يُصَلِّ بِهَا - فَاللَّوْنُ غَيْرُ مُتَمَلَّكٍ - فَلَمْ يُصَلِّ بِخِلَافِ مَا أُمِرَ وَأَمَّا الْمُصِرُّ عَلَى الْمَعَاصِي فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِهِ فَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَنْ كُلِّ مَا حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، فَهَذَا مَعْفُوٌّ لَهُ عَنْهُ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ تُبْطِلُونَ صَلَاةَ مَنْ نَوَى خُرُوجَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ وَلَا قَالَ قُلْنَا: بَلَى قَدْ عَمِلَ، لِأَنَّهُ بِنِيَّتِهِ تِلْكَ صَارَ وُقُوفُهُ - إنْ كَانَ وَاقِفًا؛ وَقُعُودُهُ - إنْ كَانَ قَاعِدًا؛ وَرُكُوعُهُ - إنْ كَانَ رَاكِعًا؛ وَسُجُودُهُ - إنْ كَانَ سَاجِدًا -: عَمَلًا يَعْمَلُهُ ظَاهِرًا لِغَيْرِ الصَّلَاةِ؛ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ إذْ حَالَ عَامِدًا بَيْنَ أَعْمَالِهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا؛ لَكِنْ لَوْ نَوَى أَنْ يُبْطِلَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا مَنْ عَجَزَ عَنْ الْمُفَارَقَةِ لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] وَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ عَفَا اللَّهُ عَنْ أُمَّتِهِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ؛ فَهَذَا مُضْطَرٌّ مُكْرَهٌ؛ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا بِنَصٍّ جَلِيٍّ فِي إبْطَالِهَا بِذَلِكَ، كَالْحَدَثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ التَّمَادِي فِي الصَّلَاةِ إثْرَهُ إلَّا بِإِحْدَاثِ وُضُوءٍ وَأَمَّا السَّفِينَةُ، وَالْبِنَاءُ الَّذِي سُخِّرَ النَّاسُ ظُلْمًا فِيهِمَا فَلَيْسَ هُنَاكَ عَيْنٌ مُحَرَّمَةٌ كَانَ الْمُصَلِّي مُسْتَعْمِلًا لَهَا، وَالْآثَارُ لَا تُتَمَلَّكُ، فَإِنْ يَئِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ فَقَدْ صَارَ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ - وَهُوَ أَحَدُهُمْ - فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حِينَئِذٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاةُ لِلرَّجُلِ خَاصَّةً فِي ثَوْبٍ فِيهِ حَرِيرٌ]
٣٩٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَحِلُّ الصَّلَاةُ - لِلرَّجُلِ خَاصَّةً - فِي ثَوْبٍ فِيهِ حَرِيرٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute