للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ مَنْ صَبَغَ لِحْيَتَهُ بِحِنَّاءٍ مَغْصُوبَةٍ ثُمَّ صَلَّى وَمَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ مِنْ مُصْحَفٍ مَسْرُوقٍ أَنْ يَنْسَاهُ، أَوْ عَلَّمَهُ إيَّاهُ عَبْدٌ آبِقٌ، وَأَكْثَرُوا مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحَمَاقَاتِ وَقَالُوا: كُلُّ مَنْ ذَكَرْتُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى مُصِرًّا عَلَى الزِّنَى، وَقَتْلِ النَّفْسِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالسَّرِقَةِ - وَلَا فَرْقَ قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا قَالُوا مِنْ بَابِ مَا قُلْنَا، لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إقَامَةٍ فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَمِنْ جُلُوسٍ مُفْتَرَضٍ. وَمِنْ سَتْرِ عَوْرَةٍ، وَمِنْ تَرْكِ كُلِّ عَمَلٍ لَمْ يُبَحْ لَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْ زَمَانٍ مَحْدُودٍ مُؤَقَّتٍ لَهَا، وَمِنْ مَكَان مَوْصُوفٍ لَهَا، وَمِنْ مَاءٍ يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ تُرَابٍ يَتَيَمَّمُ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَلَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ الطَّلَاقُ، وَلَا النِّكَاحُ، وَلَا الْعَتَاقُ، وَلَا الْبَيْعُ، وَلَا الْهِبَةُ، وَلَا الصَّدَقَةُ، وَلَا تَعَلُّمُ الْقُرْآنِ -. مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَلَا مَأْمُورًا فِيهِ بِهَيْئَةٍ مَا، وَلَا بِجُلُوسٍ وَلَا بُدَّ، وَلَا بِقِيَامٍ عَلَى صِفَةٍ، وَلَا بِمَكَانٍ مَوْصُوفٍ، لَكِنْ كُلُّ هَذِهِ الْأَعْمَالِ أَيْضًا مُحْتَاجَةٌ وَلَا بُدَّ إلَى أَلْفَاظٍ مَوْضُوعَةٍ، أَوْ أَعْمَالٍ مَحْدُودَةٍ، وَأَوْقَاتٍ مَحْدُودَةٍ، فَكُلُّ مَنْ أَتَى بِالصَّلَاةِ، أَوْ النِّكَاحِ، أَوْ الطَّلَاقِ، أَوْ الْبَيْعِ، أَوْ الْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ، عَلَى خِلَافِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ لَا طَلَاقٌ، وَلَا نِكَاحٌ، وَلَا عَتَاقٌ، وَلَا هِبَةٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الشَّرِيعَةِ - وَلَا فَرْقَ فَمَنْ صَلَّى فَجَعَلَ الْجُلُوسَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ بَدَلَ الْجُلُوسِ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ وَالْإِقَامَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بَدَلَ الْإِقَامَةِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَيْهِ؛ وَسَتَرَ عَوْرَتَهُ بِمَا حَرُمَ عَلَيْهِ سَتْرُهَا بِهِ؛ وَأَتَى بِهَا فِي غَيْرِ الزَّمَانِ الَّذِي أُمِرَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِيهِ، أَوْ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِيهِ، وَعَوَّضَ مِنْ ذَلِكَ زَمَانًا وَمَكَانًا حَرُمَا عَلَيْهِ؛ وَعَوَّضَ الْمَاءَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ، أَوْ التُّرَابَ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، أَوْ التُّرَابِ الْمَأْمُورِ بِهِ -: فَلَمْ يُصَلِّ قَطُّ الصَّلَاةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا؛ وَهُوَ وَاَلَّذِي صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ عَمْدًا سَوَاءٌ وَلَا فَرْقَ؛ وَكِلَاهُمَا صَلَّى بِخِلَافِ مَا أُمِرَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ طَلَّقَ أَجْنَبِيَّةً، أَوْ بِغَيْرِ الْكَلَامِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلَاقَ بِهِ وَحَرُمَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>