قُلْنَا: وَمُشْتَرِيهَا يَكْسُوهَا أَيْضًا، كَمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْسُوَ زَوْجَتَهُ، وَلَا يُلْزِمُ أَبَاهَا وَلَا أَخَاهَا الَّذِي يُزَوِّجُهَا كِسْوَتَهَا مُذْ تَتَزَوَّجُ.
فَإِنْ قَالُوا: أَيَبِيعُهَا عُرْيَانَةً؟ قُلْنَا: أَيَبِيعُهَا جَائِعَةً - وَلَا فَرْقَ؟
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْكِسْوَةُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا؟ فَقُلْنَا: هَذَا كَذِبٌ وَحُمْقٌ مَعًا، وَمَا عَلِمْنَا لِلْإِنْسَانِ أَرْكَانًا تَكُونُ الْكِسْوَةُ بَعْضَهَا.
فَإِنْ ادَّعَوْا عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؟ قُلْنَا: كَذَبَ مَنْ قَالَ هَذَا، وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَكْتُمُهَا عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَمُعَاوِيَةُ، وَالْحَسَنُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَتَّى لَا يَدْرِيَهَا أَحَدٌ إلَّا مَالِكٌ وَمَنْ قَلَّدَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ يَحُدُّهُ لَهُ صَاحِبُهَا]
١٤٥٩ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ سِلْعَةٍ لِآخَرَ بِثَمَنٍ يَحُدُّهُ لَهُ صَاحِبُهَا فَمَا اسْتَزَادَ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ فَلِمُتَوَلِّي الْبَيْعِ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثَّوْبَ فَيَقُولُ: بِعْهُ بِكَذَا فَمَا ازْدَدْت فَلَكَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ.
وَأَجَازَهُ شُرَيْحٌ، وَالْحَكَمُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ.
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثَّوْبَ أَوْ الشَّيْءَ فَيَقُولُ لَهُ: مَا ازْدَدْتَ عَلَى كَذَا أَوْ كَذَا فَهُوَ لَك.
وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ، وَطَاوُسٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ بَاعَهُ الْمَأْمُورُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ فَاسِدَةٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ إلَّا بِتَوَلِّي صَاحِبِهِ، أَوْ بِوَكَالَةٍ صَحِيحَةٍ - وَإِلَّا فَهُوَ عَمَلٌ فَاسِدٌ.
فَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ بِكَذَا وَكَذَا، فَإِنْ أَخَذْت أَكْثَرَ فَهُوَ لَك؟ فَلَيْسَ شَرْطًا وَالْبَيْعُ