فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» .
[مَسْأَلَة حَدُّ الْأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ]
٢٢٠٩ - مَسْأَلَةٌ: حَدُّ الْأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ فَإِذَا تَزَوَّجْنَ وَوُطِئْنَ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْحَرَائِرِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ، وَالْحُرَّةُ الْمُحْصَنَةُ فَإِنَّ عَلَيْهَا جِلْدَ مِائَةٍ وَالرَّجْمَ، وَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّ الرَّجْمَ لَا نِصْفَ لَهُ، فَبَقِيَ عَلَيْهِنَّ نِصْفُ الْمِائَةِ، فَوَجَبَ عَلَى الْأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ جَلْدُ خَمْسِينَ فَقَطْ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهَا نَفْيَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَجَوَابُنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: أَنَّ الْقَائِلِينَ إنَّ عَلَى الْأَمَةِ نَفْيُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالُوا: إنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَقَالُوا: إنَّ " الْإِحْصَانَ " اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا قَالُوا فَالنَّفْيُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَاءِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْحَرَائِرِ مِنْ الْعَذَابِ، وَعَلَى الْحَرَائِرِ هُنَا مِنْ الْعَذَابِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَمَعَهُ نَفْيُ سَنَةٍ، أَوْ رَجْمٌ، وَالرَّجْمُ يَنْتَصِفُ أَصْلًا، لِأَنَّهُ مَوْتٌ، وَالْمَوْتُ لَا نِصْفَ لَهُ أَصْلًا وَكَذَلِكَ الرَّجْمُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ الْمَرْجُومُ مِنْ رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ لَا يَمُوتُ مِنْ أَلْفِ رَمْيَةٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُ نِصْفِهِ أَبَدًا، وَإِذْ لَا يُمْكِنُ هَذَا فَقَدْ أَمِنَّا أَنْ يُكَلِّفَنَا اللَّهُ تَعَالَى مَا لَا نُطِيقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَسَقَطَ الرَّجْمُ وَبَقِيَ الْجَلْدُ وَالنَّفْيُ سَنَةٍ - وَكِلَاهُمَا لَهُ نِصْفٌ، فَعَلَى الْأَمَةِ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ مِنْهَا؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنْ كَانَ " الْإِحْصَانُ " لَا يَقَعُ فِي اللُّغَةِ إلَّا عَلَى الْحُرَّةِ فَقَطْ، فَالنَّفْيُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ؟ وَمَا نَعْلَمُ " الْإِحْصَانَ " فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالشَّرِيعَةِ يَقَعُ إلَّا عَلَى مَعْنَيَيْنِ: عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute