للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ: نا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ نا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ - قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ» .

فَهَذَا عُمُومٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ فِي الِاعْتِكَافِ، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُدَّةً مِنْ مُدَّةٍ، فَبَطَلَ قَوْلٌ خَالَفَ قَوْلَنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟

وَقُلْنَا: هَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا اعْتِكَافَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا اعْتِكَافَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ.

وَلَهُ قَوْلٌ: لَا اعْتِكَافَ أَقَلَّ مِنْ سَبْعِ لَيَالٍ، مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ.

وَكُلُّ هَذَا قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَعْتَكِفْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَلَّ مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَمْ يَعْتَكِفْ قَطُّ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَلَا تُجِيزُوا الِاعْتِكَافَ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا اعْتَكَفَ قَطُّ إلَّا فِي رَمَضَانَ، وَشَوَّالٍ، فَلَا تُجِيزُوا الِاعْتِكَافَ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ؟

وَالِاعْتِكَافُ فِي فِعْلِ خَيْرٍ، فَلَا يَجُوزُ الْمَنْعُ مِنْهُ إلَّا بِنَصٍّ وَارِدٍ بِالْمَنْعِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا عَلَى مَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَائِرَ الْمَسَاجِدِ؟ قِيلَ لَهُمْ: فَقِيسُوا عَلَى اعْتِكَافِهِ عَشْرًا، أَوْ عِشْرِينَ: مَا دُونَ الْعَشْرِ. وَمَا فَوْقَ الْعِشْرِينَ، إذْ لَيْسَ مِنْهَا سَاعَةٌ وَلَا يَوْمٌ إلَّا وَهُوَ فِيهِ مُعْتَكِفٌ

[مَسْأَلَةٌ صَوْمُ الْمُعْتَكِف]

٦٢٥ - مَسْأَلَةٌ وَلَيْسَ الصَّوْمُ مِنْ شُرُوطِ الِاعْتِكَافِ، لَكِنْ إنْ شَاءَ الْمُعْتَكِفُ صَامَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْ.

وَاعْتِكَافُ: يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ: حَسَنٌ.

وَكَذَلِكَ اعْتِكَافُ: لَيْلَةٍ بِلَا يَوْمٍ، وَيَوْمٍ بِلَا لَيْلَةٍ.

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>