للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِمَا يَحِلُّ لَهَا بِهِ الصَّوْمُ وَهُوَ يَحِلُّ لَهَا عِنْدَهُمْ بِرُؤْيَةِ الطُّهْرِ فَقَطْ فَهَذِهِ دَعْوَى بِدَعْوَى فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَجَدْنَا التَّحْرِيمَ يَدْخُلُ بِأَدَقِّ الْأَشْيَاءِ، وَلَا يَدْخُلُ التَّحْلِيلُ إلَّا بِأَغْلَظِ الْأَشْيَاءِ، كَنِكَاحِ مَا نَكَحَ الْآبَاءُ، يَحْرُمُ بِالْعَقْدِ، وَتَحْلِيلُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لَا يَحِلُّ لَهَا إلَّا بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ.

قُلْنَا لَيْسَ كَمَا قُلْتُمْ، بَلْ قَدْ خَالَفْتُمْ قَضِيَّتَكُمْ هَذِهِ عَلَى فَسَادِهَا وَبُطْلَانِهَا، فَتَرَكْتُمْ أَغْلَظَ الْأَشْيَاءِ مِمَّا قَالَهُ غَيْرُكُمْ وَهُوَ الْإِجْنَابُ، فَإِنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ لَا يَرَى الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا تَحِلُّ إلَّا بِالْعَقْدِ وَالْوَطْءِ وَالْإِنْزَالِ وَلَا بُدَّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَرَى أَنَّهَا تَحِلُّ بِالْعَقْدِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءٌ وَلَا دُخُولٌ.

ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: قَدْ وَجَدْنَا التَّحْلِيلَ يَدْخُلُ بِأَدَقِّ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ فَرْجُ الْأَجْنَبِيَّةِ الَّذِي فِي وَطْئِهِ دُخُولُ النَّارِ وَإِبَاحَةُ الدَّمِ بِالرَّجْمِ وَالشُّهْرَةِ بِالسِّيَاطِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ: أَنْكِحْنِي ابْنَتَكَ. قَالَ قَدْ أَنْكَحْتُهَا. أَوْ تَلْفِظُ هِيَ بِالرِّضَا وَالْوَلِيُّ بِالْإِذْنِ. وَبِأَنْ يَقُولَ سَيِّدُ الْأَمَةِ: هِيَ لَكَ هِبَةً. وَوَجَدْنَا التَّحْرِيمَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِأَغْلَظِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ أَوْ انْقِضَاءُ أَمَدِ الْعِدَّةِ، وَوَجَدْنَا تَحْرِيمَ الرَّبِيبَةِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا، فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي قَالُوهُ تَخْلِيطٌ وَقَوْلٌ بِالْبَاطِلِ فِي الدِّينِ، وَالْحَقُّ مِنْ هَذَا هُوَ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِمَا يَدْخُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ أَوْ السُّنَّةُ وَلَا مَزِيدَ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ قَضَاء الْحَائِض لِلصَّلَاةِ]

٢٥٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا تَقْضِي الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي مَرَّتْ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا.

وَتَقْضِي صَوْمَ الْأَيَّامِ الَّتِي مَرَّتْ لَهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا. وَهَذَا نَصٌّ مُجْمَعٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ. ٢٥٨ - مَسْأَلَةٌ:

وَإِنْ حَاضَتْ امْرَأَةٌ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَلَمْ تَكُنْ صَلَّتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ سَقَطَتْ عَنْهَا، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِنَا.

وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ وَإِسْحَاقُ: عَلَيْهَا الْقَضَاءُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ أَمْكَنَهَا أَنْ تُصَلِّيَهَا فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ.

قَالَ عَلِيٌّ: بُرْهَانُ قَوْلِنَا هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا مَحْدُودًا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ وَصَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَفِي آخِرِ وَقْتِهَا، فَصَحَّ أَنَّ الْمُؤَخِّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>