للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا رِوَايَةُ عَلِيٍّ فَعَنْ شَرِيكٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيُّ - وَكُلُّهُمْ لَا شَيْءُ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إيجَابُ الدَّمِ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا قَوْلٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الْمُحْرِم إذَا تَطَيَّبَ نَاسِيًا أَوْ تَدَاوَى بِطِيبٍ]

٨٩٥ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا، أَوْ تَدَاوَى بِطِيبٍ، أَوْ مَسَّهُ طِيبُ الْكَعْبَةِ، أَوْ مَسَّ طِيبًا لِبَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ لَبِسَ مَا يُحَرَّمُ عَلَى الْمُحْرِمِ لِبَاسُهُ نَاسِيًا، أَوْ لِضَرُورَةٍ طَالَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْهُ، أَوْ قَصُرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكْدَحُ ذَلِكَ فِي حَجِّهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُزِيلَ عَنْ نَفْسِهِ كُلَّ ذَلِكَ سَاعَةَ يَذْكُرُهُ أَوْ سَاعَةَ يَسْتَغْنِي عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ وَيَحْلِقَ مَوَاضِعَ الْمَحَاجِمِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَدْهُنَ بِمَا شَاءَ، فَلَوْ تَعَمَّدَ لِبَاسَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ أَوْ فِعْلَ مَا حُرِّمَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ: بَطَلَ حَجُّهُ وَإِحْرَامُهُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» فَالْمُسْتَكْرَهُ عَلَى كُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَالْمَرْأَةُ الْمُكْرَهَةُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَحَجُّهُمْ تَامٌّ، وَإِحْرَامُهُمْ تَامٌّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ غَطَّى رَأْسَهُ، أَوْ وَجْهَهُ، أَوْ لَبِسَ مَا نُهِيَ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَإِنْ حَلَقَ قَفَاهُ لِلْحِجَامَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِنْ حَلَقَ بَعْضَ عُضْوٍ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَمَاطَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَذًى فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ الَّتِي عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ، وَلَا يَحْتَجِمُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ حَلَقَ مَوَاضِعَ الْمَحَاجِمِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ فِي النِّسْيَانِ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فَقَطْ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ - قَالَ: وَلَا يَحْلِقُ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ فِدْيَةً.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا أَقْوَالُ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرَةُ الْفَسَادِ وَالتَّنَاقُضِ وَلَا نَعْلَمُهَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهَا لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَهُ بَيْنَ ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ: دَعْوَى فَاسِدَةٌ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ.

قَالَ عَلِيٌّ: كَذَبَ فِي ذَلِكَ بَلْ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} [النور: ٥٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>