للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ رَاكِبًا وَلَا مَاشِيًا إلَّا فِي حَالِ الْخَوْفِ فَقَطْ]

ْ؛ وَسَوَاءٌ خَافَ طَالِبًا لَهُ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ أَوْ خَافَ نَارًا، أَوْ سَيْلًا، أَوْ حَيَوَانًا عَادِيًا، أَوْ مَطَرًا، أَوْ فَوْتَ رُفْقَةٍ، أَوْ تَأَخُّرًا عَنْ بُلُوغِ مَحَلِّهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ -؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا - فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء: ٢٣٩ - ١٠٣] فَلَمْ يَفْسَحْ تَعَالَى فِي الصَّلَاةِ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا مَاشِيًا إلَّا لِمَنْ خَافَ؛ وَلَمْ يَخُصَّ عَزَّ وَجَلَّ خَوْفًا مِنْ خَوْفٍ؛ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ أَصْلًا.

وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ مَنَعُوا مِنْ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ إلَّا مَنْ خَافَ طَالِبًا، وَهُمْ يَقُولُونَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْض: إنَّ مُبَاحًا لَهُمْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ فِي حَالِ تَمَادِيهِمْ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا فَخَصُّوا مَا عَمَّ اللَّهُ تَعَالَى بِلَا دَلِيلٍ، وَأَتَوْا إلَى قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: ٣] ، وَإِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] فَقَالُوا: نَعَمْ، وَمَنْ اُضْطُرَّ مُتَجَانِفًا لِإِثْمٍ وَبَاغِيًا وَعَادِيًا، وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا؟ .

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ أَجَازَ الْقَصْرَ لِلْمُسَافِرِ فِي مَعْصِيَةٍ؛ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثْلَهُ؛ إذْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْقِيَاسِ، وَأَمَّا نَحْنُ فَمَا اتَّبَعْنَا إلَّا النَّصَّ فَقَطْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَا عَمِلَهُ الْمَرْءُ فِي صَلَاتِهِ مِمَّا أُبِيحَ لَهُ مِنْ الدِّفَاعِ عَنْهُ]

٣٠١ - مَسْأَلَةٌ: وَمَا عَمِلَهُ الْمَرْءُ فِي صَلَاتِهِ مِمَّا أُبِيحَ لَهُ مِنْ الدِّفَاعِ عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُحَارَبَةُ لِلظَّالِمِ، وَإِطْفَاءُ النَّارِ الْعَادِيَةِ، وَإِنْقَاذُ الْمُسْلِمِ، وَفَتْحُ الْبَابِ؛ قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ؟ .

وَكُلُّ مَا تَعَمَّدَ الْمَرْءُ عَمَلَهُ فِي صَلَاتِهِ مِمَّا لَمْ يُبَحْ لَهُ عَمَلُهُ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ الْعَمَلُ أَمْ كَثُرَ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>