للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الدِّيَةُ، أَوْ الْمُفَادَاةُ - وَإِنْ مَاتَ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ عَمْدًا، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْقُوعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْمِدْ فَهُوَ قَاتِلُ خَطَأٍ إمَّا نَفْسَهُ وَإِمَّا الْآخَرَ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا بُدَّ، وَعَلَيْهِ إنْ سَلِمَ هُوَ وَمَاتَ الْآخَرُ: كَفَّارَةٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ إنَّ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ فِي كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ عِوَضٌ مِنْ الدِّيَةِ وَالْعِتْقِ]

٢٠٩٥ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَالَ إنَّ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ فِي كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ عِوَضٌ مِنْ الدِّيَةِ وَالْعِتْقِ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ عَلِيٌّ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ نا وَكِيعٌ نا زَكَرِيَّا عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سُئِلَ مَسْرُوقٌ عَمَّنْ {قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢] عَنْ الرَّقَبَةِ وَحْدَهَا، أَمْ عَنْ الدِّيَةِ وَالرَّقَبَةِ قَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَنْ الدِّيَةِ وَالرَّقَبَةِ.

وَبِهِ - إلَى وَكِيعٍ نا إسْرَائِيلُ عَنْ جَبْرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَنْ الدِّيَةِ وَالرَّقَبَةِ.

قَالَ عَلِيٌّ: ذَهَبَ مَسْرُوقٌ، وَالشَّعْبِيُّ هَاهُنَا إلَى قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢] إنْ صَحَّ مَعْنَاهُ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ الدِّيَةَ وَالرَّقَبَةَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَلَوْلَا دَلِيلٌ نَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عُمُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ إلَّا بِدَلِيلٍ، لَكِنْ لَمَّا عَلِمْنَا أَنَّ الدِّيَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ لَيْسَتْ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَطَلَ مَا قَالَ مَسْرُوقٌ، وَعَامِرٌ، لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا نُبَالِي وَجَدَهَا الْقَاتِلُ أَوْ لَمْ يَجِدْهَا - فَصَحَّ بِذَلِكَ أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [النساء: ٩٢] إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى وُجُودِ الْمُكَلَّفِ لَا فِيمَا لَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى وُجُودِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا فِي الرَّقَبَةِ الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي صُلْبِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَالصِّيَامُ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا مَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ فَالدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي ذَلِكَ عَلَى كُلِّ مَالٍ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ دِيَةً مُسَلَّمَةً إلَى أَهْلِ الْمَقْتُولِ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: ٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>