وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَالُوا لَهُ: قَدْ شَرِبَ عَلِيٌّ نَبِيذَ الْجَرِّ؟ قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقُلْت لَهُمْ: هَذَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ يُحَدِّثُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَ أَنَّهُ نَبِيذَ جَرِّ تَقَيَّأَهُ.
نا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذُرِيُّ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُوَيْهٍ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولُ: دَخَلَ مَعْمَرٌ عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا عِنْدَهَا فَاكِهَةٌ فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ سَأَلَ عَنْهَا فَقَالَتْ لَهُ: أَهْدَتْهَا إلَيْنَا فُلَانَةُ النَّائِحَةُ، فَقَامَ مَعْمَرٌ فَتَقَيَّأَ مَا أَكَلَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَعِلْمِهِمْ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ لَا يَرَوْنَ الطَّعَامَ الْمَأْخُوذَ بِغَيْرِ حَقٍّ مِلْكًا لِآخِذِهِ، وَإِنْ أَكَلَهُ، بَلْ يَرَوْنَ عَلَيْهِ إخْرَاجَهُ، وَأَنْ لَا يُبْقِيَهُ فِي جِسْمِهِ مَا دَامَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فِي إبَاحَةِ الْحَرَامِ جِهَارًا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، فَمَا دَامَ الْمَرْءُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَتَقَيَّأَهُ، فَفَرْضٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ إمْسَاكُ الْحَرَامِ أَصْلًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الْقُرْآنَ، وَالسُّنَنَ بِآرَائِهِمْ الْفَاسِدَةِ، وَتَقْلِيدًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ فِي خَطَأٍ أَخْطَأَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالُوا أَيْضًا: قِسْنَا هَذَا عَلَى الْعَبْدِ يَمُوتُ فَتُضْمَنَ قِيمَتُهُ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا عَلَيْهِمْ، لَا لَهُمْ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَتَمَلَّكُهُ الْغَاصِبُ.
[مَسْأَلَةٌ غَصَبَ دَارًا فَتَهَدَّمَتْ]
١٢٦٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ غَصَبَ دَارًا فَتَهَدَّمَتْ كُلِّفَ رَدَّ بِنَائِهَا كَمَا كَانَ وَلَا بُدَّ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَهُوَ قَدْ اعْتَدَى عَلَى الْبِنَاءِ الْمُؤَلَّفِ فَحَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ، وَهُوَ بِإِجْمَاعِهِمْ مَعَنَا وَإِجْمَاعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَأْمُورٌ بِرَدِّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى صَاحِبِهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطُ عَنْهُ بِهَدْمِهَا مَا لَزِمَهُ.
وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ دَارٍ تَتَهَدَّمُ وَبَيْنَ عَبْدٍ يَمُوتُ؟ فَكَانَ احْتِجَاجُ صَاحِبِهِمْ: أَنَّ الدُّورَ وَالْأَرَضِينَ لَا تُغْصَبُ، فَكَانَ هَذَا عَجَبًا جِدًّا.
وَمَا نَعْلَمُ لِإِبْلِيسِ دَاعِيَةً فِي الْإِسْلَامِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطْلِقُ الظَّلَمَةَ عَلَى غَصْبِ دُورِ النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute