للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ جُمْلَةِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ هِيَ الْإِقَامَةُ وَالسَّفَرُ، فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى نِيَّةٍ أَصْلًا، لَكِنْ مَتَى وُجِدَا وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحُكْمُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ وَلَا مَزِيدَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِنَا.

[مَسْأَلَةٌ ابْتَدَأَ صَلَاةً وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ نَوَى فِيهَا السَّفَرَ]

٥١٦ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ ابْتَدَأَ صَلَاةً وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ نَوَى فِيهَا السَّفَرَ، أَوْ ابْتَدَأَهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ ثُمَّ نَوَى فِيهَا أَنْ يُقِيمَ -: أَتَمَّ فِي كِلَا الْحَالَيْنِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْإِقَامَةَ غَيْرُ السَّفَرِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْإِقَامَةِ مِمَّا هُوَ إقَامَةٌ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ نَصٌّ.

فَهُوَ إذَا نَوَى فِي الصَّلَاةِ سَفَرًا فَلَمْ يُسَافِرْ بَعْدُ، بَلْ هُوَ مُقِيمٌ، فَلَهُ حُكْمُ الْإِقَامَةِ.

وَإِذَا افْتَتَحَهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ فَنَوَى فِيهَا الْإِقَامَةَ فَهُوَ مُقِيمٌ بَعْدُ لَا مُسَافِرٌ، فَلَهُ أَيْضًا حُكْمُ الْإِقَامَةِ.

إذْ إنَّمَا كَانَ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ بِالنَّصِّ الْمُخْرِجِ لِتِلْكَ الْحَالِ عَنْ حُكْمِ الْإِقَامَةِ، فَإِذَا بَطَلَتْ تِلْكَ الْحَالُ بِبُطْلَانِ نِيَّتِهِ صَارَ فِي حَالِ الْإِقَامَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ ذَكَرَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ صَلَاةً نَسِيَهَا أَوْ نَامَ عَنْهَا فِي إقَامَتِهِ]

٥١٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ ذَكَرَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ صَلَاةً نَسِيَهَا أَوْ نَامَ عَنْهَا فِي إقَامَتِهِ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وَلَا بُدَّ، فَإِنْ ذَكَرَ فِي الْحَضَرِ صَلَاةً نَسِيَهَا فِي سَفَرٍ صَلَّاهَا أَرْبَعًا وَلَا بُدَّ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصَلِّيهَا فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ: أَرْبَعًا؟ وَقَالَ مَالِكٌ: يُصَلِّيهَا إذَا نَسِيَهَا فِي السَّفَرِ فَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ: رَكْعَتَيْنِ

وَإِذَا نَسِيَهَا فِي الْحَضَرِ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ صَلَّاهَا: أَرْبَعًا.

حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ - الْأَصْلَ الْإِتْمَامُ، وَإِنَّمَا الْقَصْرُ رُخْصَةٌ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ، وَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَلَوْ أَرَدْنَا مُعَارَضَتَهُ لَقُلْنَا: بَلْ الْأَصْلُ الْقَصْرُ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى ".

وَلَكِنَّا لَا نَرْضَى بِالشَّغَبِ، بَلْ نَقُولُ: إنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ أَصْلٌ، وَصَلَاةَ الْإِقَامَةِ أَصْلٌ، لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا فَرْعًا لِلْأُخْرَى، فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>