وَرُوِيَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا مُسْنَدًا صَحِيحًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ شَرِبَ مِنْ فَمِ قِرْبَةٍ؟ قُلْنَا: لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهَا مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ - وَقَدْ تُرِكَ - وَفِيهِ الْبَرَاءُ ابْنُ بِنْتِ أَنَسٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ - وَخَبَرٌ آخَرُ: مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَلَا أَعْرِفُهُ. وَآخَرُ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ مُوَافَقَةً لِمَعْهُودِ الْأَصْلِ، وَالنُّهَى بِلَا شَكٍّ إذَا وَرَدَ نَاسِخٌ لِتِلْكَ الْإِبَاحَةِ بِلَا شَكٍّ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَعُودَ الْمَنْسُوخُ نَاسِخًا وَلَا يَأْتِي بِذَلِكَ بَيَانٌ جَلِيٌّ، إذَنْ كَانَ يَكُونُ الدِّينُ غَيْرَ مُبَيَّنٍ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَأْمُورٌ بِالْبَيَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ فَمِ إدَاوَةٍ. قُلْنَا: نَعَمْ، هَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ الْإِدَاوَةُ وَلَيْسَتْ قِرْبَةً وَلَا سِقَاءً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الشُّرْبُ قَائِمًا]
١١٠٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ الشُّرْبُ قَائِمًا، وَأَمَّا الْأَكْلُ قَائِمًا فَمُبَاحٌ -: لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، وَقُتَيْبَةُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ هَدَّابٌ: نَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى: نَا عَبْدُ الْأَعْلَى نَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَقَالَ قُتَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: نَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، ثُمَّ اتَّفَقَ هَمَّامٌ، وَهِشَامٌ، وَسَعِيدٌ، كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute