كَانَ بِهِ بِالسُّقْيَا وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مُخَالِفًا وَنُسُكُ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يُسَمَّى هَدْيًا؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَهُوَ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، إذْ لَمْ يُوجِبْ كَوْنَ النُّسُكِ بِمَكَّةَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ.
وَرُوِّينَا عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ طَعَامٍ فَبِمَكَّةَ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَحَيْثُ شَاءَ - وَقَالَ عَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ فَبِمَكَّةَ وَمَا كَانَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: كُلُّ دَمٍ وَاجِبٍ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَذْبَحَهُ إلَّا بِمَكَّةَ.
رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: اجْعَلْ الْفِدْيَةَ حَيْثُ شِئْت -: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ بِالنُّسُكِ مَكَانًا دُونَ مَكَان إلَّا بِقُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ.
[مَسْأَلَةٌ حَلَقَ الْمُحْرِم رَأْسَهُ بِنُورَةٍ]
٨٧٥ - مَسْأَلَةٌ:
فَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِنُورَةٍ فَهُوَ حَالِقٌ فِي اللُّغَةِ فَفِيهِ مَا فِي الْحَالِقِ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا بِأَيِّ شَيْءٍ - حَلَقَهُ؟ فَإِنْ نَتَفَهُ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِقْهُ؛ وَالنَّتْفُ غَيْرُ الْحَلْقِ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَإِنَّمَا جَاءَ النَّهْيُ وَالْفِدْيَةُ فِي الْحَلْقِ لَا فِي النَّتْفِ.
[مَسْأَلَةٌ تَصَيَّدَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ]
٨٧٦ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ تَصَيَّدَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِقِرَانٍ أَوْ بِحَجَّةِ تَمَتُّعٍ مَا بَيْنَ أَوَّلِ إحْرَامِهِ إلَى دُخُولِ وَقْتِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، أَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ، أَوْ مُحِلٌّ فِي الْحَرَمِ -: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَامِدًا لِقَتْلِهِ غَيْرَ ذَاكِرٍ لِإِحْرَامِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ لِقَتْلِهِ - سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ -: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَا كَفَّارَةَ وَلَا إثْمَ؛ وَذَلِكَ الصَّيْدُ جِيفَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ عَامِدًا لِقَتْلِهِ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَرَمِ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَجُّهُ بَاطِلٌ وَعُمْرَتُهُ كَذَلِكَ - وَعَلَيْهِ مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: ٩٥] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute