كُلَّ مَا نَهَى عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَحُكْمُنَا حُكْمُهُ؛ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ بِتَخْصِيصِهِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ «رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَنَّهَا سَمِعَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي " يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ» قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ، يَعْنِي {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] » هَكَذَا، فِي الْخَبَرِ نَصًّا، فَصَحَّ أَنَّ مَعْنَى تَأَوُّلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْقُرْآنَ هُوَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ {وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: ٣] . وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لَا تَقْرَأْ وَأَنْتَ رَاكِعٌ، وَلَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: لَا تَقْرَأْ فِي الرُّكُوعِ وَلَا السُّجُودِ، إنَّمَا جُعِلَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِلتَّسْبِيحِ
[مَسْأَلَةٌ قَرَأَ الْمُصَلِّي الْقُرْآنَ فِي جُلُوسِهِ بَعْدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ]
٣٩٧ - مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي الْقُرْآنَ فِي جُلُوسِهِ بَعْدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ: جَازَتْ صَلَاتُهُ - عَمْدًا فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ نِسْيَانًا - وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ فِي ذَلِكَ. وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَحَبُّ إلَيْنَا فَأَمَّا جَوَازُ صَلَاتِهِ وَسُقُوطُ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ؛ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ نُهِيَ عَنْهُ، بَلْ قَرَأَ وَالْقِرَاءَةُ: فِعْلٌ حَسَنٌ مَا لَمْ يُنْهَ الْمَرْءُ عَنْهُ، وَالتَّشَهُّدُ أَيْضًا ذِكْرٌ حَسَنٌ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الذِّكْرِ أَحَبُّ إلَيْنَا؛ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَمْرٌ وَلَا حَضٌّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ]
٣٩٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الضِّرَارِ الَّذِي بِقُرْبِ قُبَاءَ، لَا عَمْدًا وَلَا نِسْيَانًا. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: ١٠٧] إلَى قَوْله تَعَالَى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: ١٠٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute