للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرٌّ -: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَتَلَوَّمَ لَهُ السُّلْطَانُ وَلَا يُنَجِّمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَجَّزَهُ السُّلْطَانُ وَكَانَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ.

قَالَ: فَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ وَعَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ: فَهُوَ حُرٌّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ - قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُهُ: هُوَ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُرِّيَّةَ بِالْغُرْمِ، بَلْ أَمْضَاهَا بَتْلَةً بِغَيْرِ شَرْطٍ، ثُمَّ أَلْزَمَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ، فَهُوَ بَاطِلٌ.

وَلَكِنْ لَيْتَ شِعْرِي كَمْ يَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ، أَسَاعَةً أَمْ سَاعَتَيْنِ أَمْ يَوْمًا أَمْ يَوْمَيْنِ أَمْ جُمُعَةً أَمْ جُمُعَتَيْنِ أَمْ حَوْلًا أَمْ حَوْلَيْنِ؟ وَكُلُّ حَدٍّ فِي هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ - وَالْقَوْلُ فِي هَذَا: أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ فَهُوَ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَمَتَى مَا جَاءَهُ بِمَا قَالَ فَهُوَ حُرٌّ لَهُ ذَلِكَ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ، وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ - وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا تُحْفَظُ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ، وَجَعَلَ خِيَارًا لِلْعَبْدِ حَيْثُ لَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة الْعِتْق بالنذر]

١٦٦٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَالَ: لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ: لَزِمَتْهُ

وَمَنْ قَالَ: إنْ كَانَ أَمْرُ كَذَا - مِمَّا لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ - فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ، فَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي " كِتَابِ النُّذُورِ ".

وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ رَقَبَةً فَهُوَ نَذْرٌ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، فَهُوَ لَازِمٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ النُّذُورِ " وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا نَصٌّ وَهُوَ «قَوْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ عَلَيَّ لِلَّهِ رَقَبَةً أَفَأُعْتِقُهَا؟ فَسَأَلَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: هِيَ مُؤْمِنَةٌ، فَأَعْتِقْهَا» فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى لُزُومِ الرَّقَبَةِ لِمَنْ الْتَزَمَهَا لِلَّهِ تَعَالَى - وَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ نَتَأَيَّدُ.

[مَسْأَلَة عِتْق الْجَنِين دُون أُمِّهِ]

١٦٦٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَهُ أُمُّهُ، وَلَا هِبَتُهُ دُونَهَا.

وَيَجُوزُ عِتْقُهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ وَتَكُونُ أُمُّهُ بِذَلِكَ الْعِتْقِ حُرَّةً وَإِنْ لَمْ يُرِدْ عِتْقَهَا، وَلَا تَجُوزُ هِبَتُهُ أَصْلًا دُونَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>