للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالُوا: نَقِيسُ ذَلِكَ عَلَى صَلَاةِ الْفَرْضِ؟ قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ حَقٌّ، فَأَذِّنُوا لِلزَّكَاةِ كَمَا يُؤَذَّنُ لِلصَّلَاةِ وَمِنْ الصَّلَاةِ غَيْرِ الْفَرْضِ مَا يُعْلَنُ بِهَا كَالْعِيدَيْنِ، وَالْكُسُوفِ، وَرَكْعَتَيْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، فَقِيسُوا صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ عَلَى ذَلِكَ؟

[مَسْأَلَةٌ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ مِنْ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ أَنْ يَقُومُوا بِفُقَرَائِهِمْ]

٧٢٥ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَفُرِضَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ مِنْ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ أَنْ يَقُومُوا بِفُقَرَائِهِمْ، وَيُجْبِرُهُمْ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ، إنْ لَمْ تَقُمْ الزَّكَوَاتُ بِهِمْ، وَلَا فِي سَائِرِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُقَامُ لَهُمْ بِمَا يَأْكُلُونَ مِنْ الْقُوتِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ، وَمِنْ اللِّبَاسِ لِلشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَبِمَسْكَنٍ يَكُنُّهُمْ مِنْ الْمَطَرِ، وَالصَّيْفِ وَالشَّمْسِ، وَعُيُونِ الْمَارَّةِ.

وَبُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: ٢٦] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣٦] . فَأَوْجَبَ تَعَالَى حَقَّ الْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَمَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ مَعَ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى وَافْتَرَضَ الْإِحْسَانَ إلَى الْأَبَوَيْنِ، وَذِي الْقُرْبَى، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْجَارِ، وَمَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ، وَالْإِحْسَانُ يَقْتَضِي كُلَّ مَا ذَكَرْنَا، وَمَنْعُهُ إسَاءَةٌ بِلَا شَكٍّ؟ وَقَالَ تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢] {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: ٤٣] {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: ٤٤] . فَقَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى إطْعَامَ الْمِسْكِينِ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ.

وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَا يَرْحَمْ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللَّهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>