وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ جِلْدَ الْبَدَنَةِ وَلَا يُبَاعُ.
وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَنَّ مُجَاهِدًا، وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ كَرِهَا أَنْ يُبَاعَ جِلْدُ الْبَدَنَةِ تَطَوُّعًا كَانَتْ أَوْ وَاجِبَةً.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ إلَّا قَوْلُ مَنْ مَنَعَ جُمْلَةً أَوْ مَنْ أَبَاحَ جُمْلَةً فَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ جُمْلَةً بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا حَقٌّ إذْ لَمْ يَأْتِ مَا يَخُصُّهُ، وَقَدْ صَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَضَاحِيِّ مَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَادَّخِرُوا» فَلَا يَحِلُّ تَعَدِّي هَذِهِ الْوُجُوهِ فَيَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالِادِّخَارُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْحَبْسِ، فَأُبِيحَ لَنَا احْتِبَاسُهَا وَالصَّدَقَةُ بِهَا، فَلَيْسَ لَنَا غَيْرُ ذَلِكَ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْأُضْحِيَّةَ إذَا قُرِّبَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ أَخْرَجَهَا الْمُضَحِّي مِنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا مَا أَحَلَّهُ لَهُ النَّصُّ، فَلَوْلَا الْأَمْرُ الْوَارِدُ بِالْأَكْلِ وَالِادِّخَارِ مَا حُلَّ لَنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ هَذَانِ عَنْ الْحَظْرِ بِالنَّصِّ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْحَظْرِ.
وَهُمْ يَقُولُونَ وَنَحْنُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَهَا وَوَطْأَهَا وَعِتْقَهَا وَلَا يَحِلُّ لَهُ بَيْعُهَا، وَلَا إصْدَاقُهَا، وَلَا الْإِجَارَةُ بِهَا، وَلَا تَمْلِيكُهَا غَيْرَهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَا وَقَعَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فَيُفْسَخُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وَأَمَّا مَنْ تَمَلَّكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ يَدِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَعْدُ فَلَهُ فِيهِ مَا لَهُ فِي سَائِرِ مَالِهِ وَلَا فَرْقَ.
[مَسْأَلَةٌ وَجَدَ بِالْأُضْحِيَّةِ عَيْبًا بَعْدَ أَنْ ضَحَّى بِهَا]
٩٨٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَجَدَ بِالْأُضْحِيَّةِ عَيْبًا بَعْدَ أَنْ ضَحَّى بِهَا وَلَمْ يَكُنْ اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً صَحِيحَةً وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مَعِيبَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ أَوْ الْإِمْسَاكُ، فَلَمَّا بَطَلَ الرَّدُّ بِخُرُوجِهَا بِالتَّضْحِيَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَكْلُ مَالِ أَخِيهِ بِالْخَدِيعَةِ وَالْبَاطِلِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مَا اسْتَزَادَ عَلَى حَقِّهَا الَّذِي يُسَاوِيهِ، لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، إلَّا أَنْ يُحَلَّ لَهُ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ فَلَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ حَقُّهُ تَرَكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مُتَقَصًّى فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.