للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة الصَّدَاقُ وَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ مَقْضِيٌّ بِهَا لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا]

مَسْأَلَةٌ: وَالصَّدَاقُ، وَالنَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ مَقْضِيٌّ بِهَا لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْمَمْلُوكِ كَمَا يُقْضَى بِهَا عَلَى الْحُرِّ وَلَا فَرْقَ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَالصَّدَاقُ لِلْأَمَةِ إلَّا أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ كَسَائِرِ مَالِهَا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] .

وقَوْله تَعَالَى فِي الْأَيَامَى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٥] .

فَخَاطَبَ تَعَالَى الْأَزْوَاجَ عُمُومًا، لَمْ يَخُصَّ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ، وَأَوْجَبَ بِنَصِّ كَلَامِهِ - الَّذِي لَا يُعَارِضُهُ إلَّا مَخْذُولٌ - إيتَاءَ الصَّدَاقِ لِلْأَمَةِ لَا لِغَيْرِهَا.

وَكَذَلِكَ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النَّفَقَةَ، وَالْكِسْوَةَ، وَالْإِسْكَانَ عَلَى الْأَزْوَاجِ لِلزَّوْجَاتِ، فَإِنْ عَجَزَ الْعَبْدُ أَوْ الْحُرُّ عَنْ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ، وَعَنْ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ أَوْ بَعْضِهَا، فَالصَّدَاقُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، وَيُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ خَرَاجِ الْعَبْدِ وَمِنْ سَائِرِ كَسْبِهِ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ.

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ نا الشَّيْبَانِيُّ - هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ - عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: يَبْدَأُ الْعَبْدُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى أَهْلِهِ قَبْلَ الَّذِي عَلَيْهِ لِمَوَالِيهِ - يَعْنِي نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ -.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَالْمَهْرُ عَلَيْهِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ بَيْعُهُ فِي الصَّدَاقِ وَفِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ فَدَاهُ السَّيِّدُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِلْمَرْأَةِ وَجَبَتْ رَقَبَتُهُ لِلْمَرْأَةِ مِلْكًا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ.

قَالُوا: فَلَوْ أَنْكَحَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى صَدَاقٍ أَصْلًا لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَهْرُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إنْ وُهِبَ لَهُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ وُهِبَ لَهُ، فَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ إذَا أُعْتِقَ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الْمَهْرُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ إذَا أُعْتِقَ.

وَقَالَ اللَّيْثُ: السَّيِّدُ ضَامِنٌ لِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ فَضْلُ مَالٍ أُخِذَتْ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلُ مَالٍ عَنْ خَرَاجِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>