للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَيْدَ الْبَرِّ فَلَيْسَ إلَّا حَرَامٌ أَوْ حَلَالٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَلَالٌ حَرَامٌ مَعًا، وَلَا لَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ بَيْضُ النَّعَامِ وَسَائِر الصَّيْدِ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ]

٨٨٠ - مَسْأَلَةٌ:

وَبَيْضُ النَّعَامِ وَسَائِرِ الصَّيْدِ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمَا: لِأَنَّ الْبَيْضَ لَيْسَ صَيْدًا، وَلَا يُسَمَّى صَيْدًا، وَلَا يُقْتَلُ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلَ صَيْدِ الْبَرِّ فَقَطْ؛ فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا فَرْخَ مَيِّتٍ فَلَا جَزَاءَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ صَيْدًا وَلَمْ يَقْتُلْهُ؛ فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا فَرْخَ حَيٍّ فَمَاتَ فَجَزَاؤُهُ بِجَنِينٍ مِنْ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ قَتَلَهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: فِي بَيْضَةِ النَّعَامَةِ: عُشْرُ الْبَدَنَةِ، وَفِي بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، عُشْرُ الشَّاةِ، قَالَ: لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِلْمُحْرِمِ، وَلَا لِلْحَلَالِ إذَا شَوَاهُ الْمُحْرِمُ أَوْ كَسَرَهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ قِيمَتُهُ فَقَطْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَخَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ صَيْدًا؛ وَأَخْطَأَ خَطَأً آخَرَ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُ جَزَاؤُهُ بِثَمَنِهِ وَالْجَزَاءُ بِالثَّمَنِ لَا يُوجَدُ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَجَمَعَ فِيهِ مِنْ الْخَطَأِ وُجُوهًا -: أَوَّلُهَا:

أَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ بِهِ قَبْلَهُ - وَهُمْ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا أَشَدَّ الْإِنْكَارِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا فِي قَوْلِنَا فِي الْجَرَادِ. وَثَانِيهَا:

أَنَّهُ قَوْلٌ لَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا فِي السُّنَّةِ. وَثَالِثُهَا:

أَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْهَدْيِ حَيْثُ صَحَّ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالسُّنَّةِ عَلَى جَوَازِهِ، ثُمَّ أَجَازُوهُ هَاهُنَا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ يُعْرَفُ قَبْلَهُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا تُقَوَّمُ الْبَدَنَةُ، أَوْ الشَّاةُ، ثُمَّ نَأْخُذُ عُشْرَ تِلْكَ الْقِيمَةِ فَنُطْعِمُ بِهِ؟ قُلْنَا: هَذَا خَطَأٌ رَابِعٌ فَاحِشٌ لِأَنَّكُمْ تُلْزِمُونَهُ وَتَأْمُرُونَهُ بِمَا تَنْهَوْنَهُ عَنْهُ مِنْ وَقْتِكُمْ فَتُوجِبُونَ عَلَيْهِ عُشْرَ بَدَنَةٍ، وَعُشْرَ شَاةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إهْدَاؤُهُ، إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَعَامٌ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْعُشْرِ، وَهَذَا تَخْلِيطٌ نَاهِيكَ بِهِ، وَتَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ. وَخَامِسُهَا:

احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى جَنِينِ الْحُرَّةِ الَّذِي فِيهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>