أَشْبَهَ ذَلِكَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ» .
[مَسْأَلَةٌ حْدُ دُنُوِّ الْمَرْءِ مِنْ سُتْرَتِهِ فِي الصَّلَاة]
٤٨٣ - مَسْأَلَةٌ:
وَحْدُ دُنُوِّ الْمَرْءِ مِنْ سُتْرَتِهِ أَقْرَبُ ذَلِكَ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ، وَأَبْعَدُهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ بَعُدَ عَنْ سُتْرَتِهِ عَامِدًا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهَا سُتْرَتُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهَا سُتْرَةٌ لَهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ.
وَكُلُّ مَا مَرَّ أَمَامَهُ مِمَّا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَالسُّتْرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَوْ مِقْدَارُهَا - نَوَى ذَلِكَ سُتْرَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ -: فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَسَوَاءٌ مَرَّ ذَلِكَ عَلَى السُّتْرَةِ أَوْ خَلْفَهَا؟ وَحَدُّ مِقْدَارِ السُّتْرَةِ: ذِرَاعٌ فِي أَيِّ غِلَظٍ كَانَ وَمَنْ مَرَّ أَمَامَ الْمُصَلِّي وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَلَا إثْمَ عَلَى الْمَارِّ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُصَلِّي دَفْعُهُ، فَإِنْ مَرَّ أَمَامَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ فَهُوَ آثِمٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، فَلَا حَرَجِ عَلَى الْمَارِّ فِي الْمُرُورِ وَرَاءَهَا أَوْ عَلَيْهَا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا: أَنَا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ صَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ» .
قَالَ عَلِيٌّ: فَصَارَ فَرْضًا عَلَى مَنْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهَا، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَدْنُ مِنْهَا - إذَا صَلَّى إلَيْهَا - غَيْرَ مُصَلٍّ كَمَا أُمِرَ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ؟ فَإِذْ الدُّنُوُّ مِنْهَا فَرْضٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِ الدُّنُوِّ الْمُفْتَرَضِ مِنْ خِلَافِهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْمُرَنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَمْرٍ يَلْزَمُنَا، ثُمَّ لَا يُبَيِّنَهُ عَلَيْنَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَهُ بِالْبَيَانِ عَلَيْنَا، وَالتَّبْلِيغِ إلَيْنَا، قَالَ تَعَالَى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] .
وَقَالَ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute