فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَوَاجِبٌ أَنْ يُضْرَبَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا عَشْرَ جَلَدَاتٍ فَإِنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَقَدْ بَرِئَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ فَقَدْ أَحْدَثَ مُنْكَرًا آخَرَ بِالِامْتِنَاعِ الْآخَرِ، فَيُجْلَدُ أَيْضًا عَشْرًا - وَهَكَذَا أَبَدًا، حَتَّى يُؤَدِّيَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ يَمُوتَ - غَيْرَ مَقْصُودٍ إلَى قَتْلِهِ - وَلَا يُرْفَعُ عَنْهُ الضَّرْبُ أَصْلًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَتَدْخُلَ أُخْرَى فَيُضْرَبُ لِيُصَلِّيَ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا، وَهَكَذَا أَبَدًا إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الْعَتَمَةِ تُرِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى صَلَاةٍ مَا خَرَجَ وَقْتُهَا - ثُمَّ يُجَدَّدُ عَلَيْهِ الضَّرْبُ إذَا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا - ثُمَّ يُتْرَكَ إلَى أَوَّلِ الظُّهْرِ، وَيَتَوَلَّى ضَرْبَهُ مَنْ قَدْ صَلَّى، فَإِذَا صَلَّى غَيْرُهُ خَرَجَ هَذَا إلَى الصَّلَاةِ وَيَتَوَلَّى الْآخَرُ ضَرْبَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - حَتَّى يَتْرُكَ الْمُنْكَرَ الَّذِي يُحْدِثُ أَوْ يَمُوتُ، فَالْحَقُّ قَتْلُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ مَعَ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة فِعْلُ قَوْمِ لُوطٍ]
٢٣٠٣ - مَسْأَلَةٌ: فِعْلُ قَوْمِ لُوطٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِعْلُ قَوْمِ لُوطٍ مِنْ الْكَبَائِرِ الْفَوَاحِشِ الْمُحَرَّمَةِ: كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَالْخَمْرِ، وَالزِّنَى، وَسَائِرِ الْمَعَاصِي، مَنْ أَحَلَّهُ أَوْ أَحَلَّ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَا فَهُوَ كَافِرٌ، مُشْرِكٌ حَلَالُ الدَّمِ وَالْمَالِ.
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُحْرَقُ بِالنَّارِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُحْمَلُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ إلَى أَعْلَى جَبَلٍ بِقَرْيَةٍ - فَيُصَبُّ مِنْهُ، وَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُرْجَمُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ - سَوَاءٌ أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْتَلَانِ جَمِيعًا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَمَّا الْأَسْفَلُ فَيُرْجَمُ - أَحْصَنَ أَمْ لَمْ يُحْصِنْ - وَأَمَّا الْأَعْلَى فَإِنْ أَحْصَنَ رُجِمَ، وَإِنْ لَمْ يُحْصِنْ جُلِدَ جَلْدَ الزِّنَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ كِلَاهُمَا سَوَاءٌ - أَيُّهُمَا أَحْصَنَ رُجِمَ، وَأَيُّهُمَا لَمْ يُحْصِنْ جُلِدَ مِائَةً، كَالزِّنَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَلَا قَتْلَ، لَكِنْ يُعَزَّرَانِ.
فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - كَمَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute