للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ قَبْلُ.

وَقَدْ فَرَّقَ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَقِيهِ وَغَيْرِهِ - وَهَذَا خَطَأٌ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا نَظَرٌ، وَلَا مَعْقُولٌ، بَلْ الْحُجَّةُ أَلْزَمُ لِلْفَقِيهِ فِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ دِينَهُ مِنْهَا لِغَيْرِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَرَاهُ الْجَاهِلُ فَيَظُنُّ الصَّلَاةَ تَطَوُّعًا جَائِزَةً حِينَئِذٍ؟ قُلْنَا: لَا أَعْجَبُ مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ لِنَفْسِهِ مُخَالَفَةَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَضْيِيعَ فَرْضِهِ خَوْفَ أَنْ يُخْطِئَ غَيْرُهُ وَلَعَلَّ غَيْرَهُ لَا يَظُنُّ ذَلِكَ أَوْ يَظُنُّ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ} [النساء: ٨٤] .

وَقَالَ تَعَالَى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] .

[مَسْأَلَةٌ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إلَّا رَكْعَةً أَوْ الْجُلُوسَ فَقَطْ]

٥٣٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إلَّا رَكْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ الْجُلُوسَ فَقَطْ فَلْيَدْخُلْ مَعَهُ وَلْيَقْضِ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا الْجُلُوسَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ.

وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَضَى إلَيْهَا أُخْرَى، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَّا رَفْعَ الرَّأْسِ مِنْ الرَّكْعَةِ فَمَا بَعْدَهُ صَلَّى أَرْبَعًا.

وَقَالَ عَطَاءُ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ - وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: مَنْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ الْخُطْبَةِ صَلَّى أَرْبَعًا.

وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِأَنَّ الْخُطْبَةَ جُعِلَتْ بِإِزَاءِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِهَذَا: أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ؟

وَاحْتَجَّ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَاحِدَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>