للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا أَجْزَأَهُ مَا لَمْ يَقِفْ فِي وَقْتٍ لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ فِيهِ.

وَقَدْ تَيَقَّنَ الْإِجْمَاعُ مِنْ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، وَالْخَالِفِ، وَالسَّالِفِ: أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا حَجَّ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ وَقَفَ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا الْعَاشِرَةُ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ النَّاسِ.

[مَسْأَلَةٌ صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحَجَّة]

٨٥٩ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ صَحَّ عِنْدَهُ بِعِلْمٍ أَوْ بِخَبَرٍ صَادِقٍ: أَنَّ هَذَا هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ إلَّا أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَرَوْهُ رُؤْيَةً تُوجِبُ أَنَّهَا الْيَوْمُ الثَّامِنُ فَفَرَضَ عَلَيْهِ الْوُقُوفَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ الْيَوْمُ التَّاسِعُ، وَإِلَّا فَحَجُّهُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: شَهِدَ نَفَرٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَذَهَبَ بِهِمْ سَالِمٌ إلَى ابْنِ هِشَامٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْحَجِّ فَلَمْ يَقْبَلْهُمْ فَوَقَفَ سَالِمٌ بِعَرَفَةَ لِوَقْتِ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ دَفَعَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَفَ مَعَ النَّاسِ.

[مَسْأَلَةٌ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ أَوْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ]

٨٦٠ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ، أَوْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ فِي عَقْلِهِ فَإِحْرَامُهُ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَلَوْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ بِمُزْدَلِفَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَحَجُّهُ تَامٌّ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لَا يُبْطِلَانِ عَمَلًا تَقَدَّمَ أَصْلًا، وَلَا جَاءَ بِذَلِكَ نَصٌّ أَصْلًا وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَيْسَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: فَذَكَرَ النَّائِمَ حَتَّى يَنْتَبِهَ وَالْمُبْتَلَى حَتَّى يُفِيقَ وَالصَّبِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ» بِمُوجِبِ بُطْلَانِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنَّهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ فَقَطْ، فَإِذَا أَفَاقُوا صَارُوا عَلَى حُكْمِهِمْ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

[مَسْأَلَةٌ نَامَ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ]

٨٦١ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ جُنَّ، أَوْ نَامَ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ فَلَمْ يُفِقْ، وَلَا اسْتَيْقَظَ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَدْ بَطَلَ حَجُّهُ، سَوَاءٌ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ أَوْ لَمْ يَقِفْ بِهِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ، أَوْ نَامَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمُزْدَلِفَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَلَمْ يُفِقْ وَلَا اسْتَيْقَظَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ فَقَدْ بَطَلَ حَجُّهُ.

فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ فَنَامَتْ، أَوْ جُنَّتْ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ تَقِفَ بِمُزْدَلِفَةَ فَلَمْ تُفِقْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>