[مَسْأَلَةٌ أَغْضَبَ أَحْمَقَ بِمَا يُغْضَبُ مِنْهُ فَقَذَفَ بِالْحِجَارَةِ فَقَتَلَ الْمُغْضِبَ لَهُ أَوْ غَيْرَهُ]
مَسَائِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ أَغْضَبَ أَحْمَقَ بِمَا يُغْضَبُ مِنْهُ فَقَذَفَ بِالْحِجَارَةِ فَقَتَلَ الْمُغْضِبَ لَهُ أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ أَعْطَى أَحْمَقَ سَيْفًا فَقَتَلَ بِهِ قَوْمًا، فَلَا شَيْءَ فِي كُلِّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ شَيْئًا مِنْ الْجِنَايَةِ، وَلَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ قَاتِلًا.
فَلَوْ أَنَّهُ أَمَرَ الْأَحْمَقَ بِقَتْلِ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَحْمَقُ فَعَلَ ذَلِكَ طَاعَةً لَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا فَهُوَ آمِرٌ، فَالْآمِرُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْعَلْ طَائِعًا لَهُ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، لَا عَنْ أَمْرِهِ وَلَا عَنْ فِعْلِهِ.
فَلَوْ رَمَى حَجَرًا فَأَصَابَ ذَلِكَ الْحَجَرُ حَجَرًا فَقَلَعَهُ، فَتَدَهْدَهَ ذَلِكَ الْحَجَرُ فَقَتَلَ وَأَفْسَدَ: فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا تَوَلَّدَ عَنْ رَمْيِهِ انْقِلَاعُ الْحَجَرِ فَقَطْ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِرَدِّهِ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى مَا فَقَطْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمَرْءُ مَا تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ عَمَّا تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِهِ.
وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ مَنْ رَمَى سَهْمًا يُرِيدُ صَيْدًا فَأَصَابَ إنْسَانًا أَوْ مَالًا فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنَّهُ صَادَفَ حِمَارَ وَحْشٍ يَجْرِي فَقَتَلَ إنْسَانًا أَوْ سَقَطَ الْحِمَارُ - إذْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا.
وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا يَعْمَلُ فِي بِئْرٍ وَآخَرَ يَسْتَقِي فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَوَقَعَتْ الدَّلْو فَقَتَلَتْ الَّذِي فِي الْبِئْرِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِضَعْفِ الْحَبْلِ فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأً وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِقَتْلِهِ، فَلَوْ غُلِبَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إمْسَاكِهِ الدَّلْوَ فَفَتَحَ يَدَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ قَتْلَهُ وَلَا عَمِلَ شَيْئًا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute