وَقَدْ أَسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْطِلَاقِ إلَى " أَهْلِهَا " وَقَدْ كَانَ لَهَا أَخٌ لِأُمٍّ مَعْرُوفٌ فَصَحَّ أَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ دَاخِلُونَ فِي " الْأَهْلِ ".
فَإِذْ الدِّيَةُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَنَصِّ السُّنَّةِ لِلْأَهْلِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالزَّوْجِ، وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ " أَهْلٌ " فَحَظُّهُمْ فِي الدِّيَةِ وَاجِبٌ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ الدِّيَةَ مَوْرُوثَةٌ عَلَى حَسَبِ الْمَوَارِيثِ لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ، وَعَلَى هَذَا اعْتِمَادُنَا فِي تَوْرِيثِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الدِّيَةِ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا فَوَاهِيَةٌ لَا تَصِحُّ، وَأَحْسَنُ مَا فِيهَا حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الضَّبَابِيِّ الْكِلَابِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا وَهُوَ مُنْقَطِعٌ - لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَوْ أَنَّ امْرَأً نَذَرَ نَذْرًا لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُلِّ مَا وَرِثَ عَنْ فُلَانٍ ثُمَّ قُتِلَ ذَلِكَ الْفُلَانُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يَقَعُ لَهُ مِنْ دِيَتِهِ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِثْهُ عَنْهُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يُحْتَجَزُوا]
٢٠٨٤ - مَسْأَلَةٌ: فِي ذِكْرِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يُحْتَجَزُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ - نا الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي حِصْنٌ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يُحْتَجَزُوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ - وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَمَاجَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْخَبَرِ؟ وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّحَاوِيَّ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْخَبَرِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ وَإِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيّ.
فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ وَاعْتَرَفَ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا مَعْنَاهُ.
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ فَقَالَ لَهُ: هَذَا يَخْرُجُ مِنْهُ جَوَازُ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنْ الدَّمِ.
وَأَمَّا الْمُزَنِيّ فَقَالَ لَهُ: مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ الْقِتَالِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ.