مِلْكٍ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ اشْتِرَاطٌ بَعْدَ إيقَاعِهِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ - وَالْإِجَارَةُ إبَاحَةُ مَنَافِعَ بِعِوَضٍ لَا تُمَلَّكُ بِهِ الرَّقَبَةُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَيَجُوزُ فِي الْحُرِّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَهِيَ إلَى أَجَلٍ وَلَا بُدَّ، إمَّا مَعْلُومٍ وَإِمَّا مَجْهُولٍ إنْ كَانَ فِي عَمَلٍ مَحْدُودٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَالْخُلْعُ طَلَاقٌ بِمَالٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ عِنْدَهُمْ خِيَارٌ مُشْتَرَطٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْعِتْقُ كَذَلِكَ، وَالْكِتَابَةُ - فَظَهَرَ سُخْفُ قِيَاسِهِمْ هَذَا وَأَنَّهُ هَوَسٌ وَتَخْلِيطٌ.
وَكَمْ قِصَّةٍ لَهُمْ فِي التَّخْيِيرِ فِي الطَّلَاقِ أَوْجَبُوا فِيهِ الْخِيَارَ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا وَقَطَعُوهُ بِالتَّفَرُّقِ بِأَبْدَانِهِمَا حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهُ قَطُّ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلَا مَعْقُولٌ، وَلَا قِيَاسٌ شُبِّهَ بِهِ، لَكِنْ بِالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ؟ ثُمَّ أَبْطَلُوهُ حَيْثُ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ مِمَّا ابْتَلَاهُمْ بِهِ.
[التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ فِي الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ]
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ فِي الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ - فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ هُوَ الَّذِي يُثْبِتُهُ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَلَا نُنْكِرُ هَذَا إذَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ فَقَدْ وَجَدْنَا النَّقْدَ وَتَرْكَ، الْأَجَلِ يُفْسِدُ السَّلَمَ عِنْدَهُمْ، وَيُصَحِّحُ الْبُيُوعَ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الرِّبَا حَتَّى لَا تَصِحَّ إلَّا بِهِ.
فَكَيْفَ وَالْمَعْنَى فِيمَا رَامُوا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَاحِدٌ؟ وَهُوَ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ لَمْ يَمْلِكَا شَيْئًا وَلَا تَبَايَعَا أَصْلًا قَبْلَ التَّقَابُضِ، وَكُلُّ مُتَبَايِعَيْنِ فَلَمْ يَتِمَّ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ أَصْلًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ التَّخْيِيرِ - مُتَصَارِفَيْنِ كَانَا أَوْ غَيْرَ مُتَصَارِفَيْنِ - فَإِنْ تَفَرَّقَ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا بِأَبْدَانِهِمْ قَبْلَ مَا يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ، فَمَنْ كَانَ قَدْ عَقَدَ عَقْدًا أُبِيحَ لَهُ تَمَّ لَهُ بِالتَّفَرُّقِ، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَعْقِدْ عَقْدًا أُبِيحَ لَهُ فَلَيْسَ هَهُنَا شَيْءٌ يَتِمُّ لَهُ بِالتَّفَرُّقِ.
وَقَالُوا أَيْضًا: مُتَعَقِّبِينَ لِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَادِّينَ عَلَيْهِ: الْمُتَبَايِعَانِ إنَّمَا يَكُونَانِ مُتَبَايِعَيْنِ مَا دَامَا فِي حَالِ الْعَقْدِ لَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَالْمُتَضَارَبِينَ وَالْمُتَقَاتَلِينَ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَا مُتَبَايِعَيْنِ مُتَفَاسِخَيْنِ مَعًا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا عِلْمَ، وَلَا دِينَ، وَلَا حَيَاءَ؛ لِأَنَّهُ سَفْسَطَةٌ بَارِدَةٌ، وَنَعَمْ، فَإِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يَكُونَانِ مُتَبَايِعَيْنِ إلَّا فِي حِينِ تَعَاقُدِهِمَا لَكِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute