للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَا خُصَيْفٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَأْكُلْ مَا صِدْت بِكَلْبِ الْمَجُوسِ وَإِنْ سَمَّيْت فَإِنَّهُ مِنْ تَعْلِيمِ الْمَجُوسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٤] . وَجَاءَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: ٤] قَالُوا: فَجَعَلَ التَّعْلِيمَ لَنَا. قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَا، لِأَنَّ خِطَابَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ لَازِمٌ لِكُلِّ أَحَدٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الرِّوَايَةَ عَنْ صَحَابَةٍ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُخَالِفٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ تَصَيَّدَ بِجَارِحٍ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ]

١٠٩٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ تَصَيَّدَ بِجَارِحٍ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا قَتَلَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْتَدُوا} [البقرة: ١٩٠] وَهَذَا مُعْتَدٍ فَلَا يَكُونُ التَّعَدِّي ذَكَاةً أَصْلًا. فَلَوْ أُدْرِكَ حَيًّا، أَوْ نَصَبَ الْمَرْءُ حِبَالَةً مَأْخُوذَةً بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ رَمَى بِآلَةٍ مَأْخُوذَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَأَدْرَكَ كُلَّ ذَلِكَ فِيهِ بَقِيَّةُ حَيَاةٍ ذَكَّاهَا وَهِيَ لَهُ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْجَارِحِ، وَذَلِكَ السَّهْمِ، وَالرُّمْحِ، وَتِلْكَ الْحِبَالَةِ لِصَاحِبِ كُلِّ ذَلِكَ، لِأَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ صَاحِبُ الْآلَةِ، وَالْحِبَالَةِ، وَالْجَارِحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْ ذَلِكَ وَلَا أَرْسَلَهُ قَاصِدًا لِتَمَلُّكِ مَا أَصَابَ بِذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ التَّمَلُّكُ لِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ مِلْكٌ إلَّا بِنِيَّةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ آخَرَ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا قَتَلَ الصَّيْدَ]

١٠٩٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ جَارِحًا آخَرَ أَوْ سَبُعًا لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا قَتَلَ الصَّيْدَ؟ فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ فَيُذَكَّى فَيَحِلَّ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: «فَإِنْ خَالَطَ كَلْبُكَ كِلَابًا فَقَتَلْنَ فَلَمْ يَأْكُلْنَ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَ؟» .

<<  <  ج: ص:  >  >>