للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّهُمَا فِعْلَانِ مُتَغَايِرَانِ بِنَصِّ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

أَحَدُهُمَا - تَحْبِيسُ الْأَصْلِ، فَبِاللَّفْظِ تَحْبِيسُهُ يَصِحُّ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنَّنَا عَنْ مَالِ الْمُحْبِسِ.

وَالثَّانِي - التَّسْبِيلُ وَالصَّدَقَةُ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا حِيفَ رُدَّ وَلَمْ يَبْطُلْ خُرُوجُ الْأَصْلِ مُحْبِسًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا دَامَ الْوَلَدُ أَحْيَاءَ، فَإِذَا مَاتَ الْمَخْصُوصُ بِالْحَبْسِ رَجَعَ إلَى مَنْ عَقِبَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَخَرَجَ سَائِرُ الْوَلَدِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ قَدْ بَطَلَتْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة حَبَسَ دَارِهِ أَوْ أَرْضَهُ وَلَمْ يُسَبِّلْ عَلَى أَحَدٍ]

١٦٥٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ حَبَسَ دَارِهِ أَوْ أَرْضَهُ، وَلَمْ يُسَبِّلْ عَلَى أَحَدٍ، فَلَهُ أَنْ يُسَبِّلَ الْغَلَّةَ مَا دَامَ حَيًّا عَلَى مَنْ شَاءَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «وَسَبِّلْ الثَّمَرَةَ» فَلَهُ ذَلِكَ مَا بَقِيَ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَفْعَلْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِأَقَارِبِهِ وَأَوْلَى النَّاسِ بِهِ حِينَ مَوْتِهِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ سَبَّلَ وَحَبَسَ عَلَى مُنْقَطِعٍ فَإِذَا مَاتَ الْمُسَبَّلُ عَلَيْهِ عَادَ الْحَبْسُ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحَبِّسِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ «كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْبَرَ أَنْصَارِي الْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إلَيَّ بَيْرُحَاءُ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرْجُو بِرَّهَا، وَزَهْوَهَا، عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي كَلَامٍ ثُمَّ إنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ - فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ»

[مَسْأَلَة حَبَسَ عَلَى عَقِبِهِ وَعَلَى عَقِبِ عَقِبِهِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ]

١٦٥٨ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ حَبَسَ عَلَى عَقِبِهِ وَعَلَى عَقِبِ عَقِبِهِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبَنَاتُ وَالْبَنُونَ، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَنُو الْبَنَاتِ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا يَخْرُجُ بِنَسَبِ آبَائِهِ إلَى الْمُحَبِّسِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» وَأَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى: وَلَمْ يُعْطِ عُثْمَانَ، وَلَا غَيْرَهُ - وَجَدَّةُ عُثْمَانَ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - فَلَمْ يَدْخُلْ فِي بَنِي هَاشِمٍ، إذْ لَمْ يَخْرُجْ بِنَسَبِ أَبِيهِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا بِنَسَبِ أُمِّهِ إلَيْهِ - وَهِيَ أَرْوَى بِنْتُ الْبَيْضَاءِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - أَعْطَى الْعَبَّاسَ وَأُمَّهُ نُمَرِيَّةُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>