للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِمَّا هُوَ عَنْهُ فِي غِنًى، وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى سَائِلٍ بِالْبَابِ، فَإِنَّهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَلَوْ كَانَ فَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ الثُّلُثِ لَكَانَ هَذَا مِنْ الثُّلُثِ، بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا الثُّلُثُ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي يَمُوتُ مِنْهُ لَمَا وَجَبَ أَنْ يُعَدَّ أَكْلَهُ وَنَفَقَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ بَاقِيَ ذَلِكَ لَا حُكْمَ لَهُ فِيهِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا - فَظَهَرَ مِنْ تَخَاذُلِهِمْ وَتَنَاقُضِهِمْ وَفَسَادِ أَقْوَالِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا بَعْضُهُ يَكْفِي - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الْحَجْرُ عَلَى امْرَأَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ]

١٣٩٦ - مَسْأَلَةٌ: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ أَيْضًا عَلَى امْرَأَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ؛ وَلَا بِكْرٍ ذَاتِ أَبٍ، وَلَا غَيْرِ ذَاتِ أَبٍ - وَصَدَقَتُهُمَا، وَهِبَتُهُمَا -: نَافِذٌ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذَا حَاضَتْ كَالرَّجُلِ سَوَاءً سَوَاءً - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِذَاتِ الزَّوْجِ إلَّا الثُّلُثُ فَقَطْ تَهَبُهُ وَتَتَصَدَّقُ بِهِ - أَحَبَّ زَوْجُهَا أَمْ كَرِهَ - فَإِذَا مَضَتْ لَهَا مُدَّةٌ جَازَ لَهَا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ أَيْضًا أَنْ تَفْعَلَ فِيهِ مَا شَاءَتْ - أَحَبَّ زَوْجُهَا أَمْ كَرِهَ - وَهَكَذَا أَبَدًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ فِعْلِهَا فِي الْأَوَّلِ: فُسِخَ - فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ رَدَّ الْكُلَّ أَوَّلَهُ عَنْ آخِرِهِ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إنْ شَاءَ زَوْجُهَا أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ أَنْفَذَهُ نَفَذَ، فَإِنْ خَفِيَ ذَلِكَ عَنْ زَوْجِهَا حَتَّى تَمُوتَ أَوْ يُطَلِّقَهَا نَفَذَ كُلُّهُ - قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبُهُ: بَلْ لَا يَرُدُّ الزَّوْجُ إلَّا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ، وَيَنْفُذُ لَهَا الثُّلُثُ كَالْمَرِيضِ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا. مَالَهَا كُلَّهُ نَفَذَ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَيْعُهَا وَابْتِيَاعُهَا فَجَائِزٌ - أَحَبَّ زَوْجُهَا أَمْ كَرِهَ - إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ.

قَالَ: وَأَمَّا الْبِكْرُ فَمَحْجُورَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ - ذَاتَ أَبٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ أَبٍ - لَا يَجُوزُ لَهَا فِعْلٌ فِي مَالِهَا، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا أَنْ تَضَعَ عَنْ زَوْجِهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَإِنْ عَنَسَتْ حَتَّى تَدْخُلَ بَيْتَ زَوْجِهَا، وَيُعْرَفُ مِنْ حَالِهَا فَإِنْ وَهَبَتْ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ: كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَتْ إلَّا إنْ كَانَ يَسِيرًا، قَالَ: وَأَمَّا الَّتِي كَانَ لَهَا زَوْجٌ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ فَكَالرَّجُلِ فِي نَفَاذِ حُكْمِهَا فِي مَالِهَا كُلِّهِ.

وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ: فَرُوِّينَا عَنْهُمْ أَقْوَالًا: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ خَالِدٍ، وَزَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: عَهِدَ إلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>