وَمِنْ طَرِيقٍ فِيهَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى - وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ - ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مَنْ طَلَّقَ لَاعِبًا أَوْ أَعْتَقَ لَاعِبًا.
وَلَيْسَ فِيهِ لِلْمُكْرَهِ ذِكْرٌ.
أَوْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا فَاحِشُ الِانْقِطَاعِ، ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُكْرَهِ ذِكْرٌ، وَإِنَّمَا فِيهِ «مَنْ نَكَحَ لَاعِبًا أَوْ طَلَّقَ لَاعِبًا» وَإِنْ قَالُوا: هُوَ طَلَاقٌ؟ قُلْنَا: كَلًّا، لَيْسَ طَلَاقًا إنَّمَا الطَّلَاقُ مَا نَطَقَ بِهِ الْمُطَلِّقُ مُخْتَارًا بِلِسَانِهِ قَاصِدًا بِقَلْبِهِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنْتُمْ تُسَمُّونَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، وَنِكَاحَ عَشْرٍ: نِكَاحًا فَأَجِيزُوهُ لِذَلِكَ؟ فَإِذْ قَدْ بَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ فَعَلَيْنَا إيرَادُ الْبُرْهَانِ - بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى بُطْلَانِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ -: فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ عَمَلٌ بِلَا نِيَّةٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ حَاكٍ لِمَا أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ فَقَطْ، وَلَا طَلَاقَ عَلَى حَاكٍ كَلَامًا لَمْ يَعْتَقِدْهُ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنِ نا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْ أَعْظَمِ تَنَاقُضِهِمْ: أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ، وَنِكَاحَهُ، وَإِنْكَاحَهُ، وَرَجْعَتَهُ، وَعِتْقَهُ - وَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَهُ، وَلَا ابْتِيَاعَهُ، وَلَا هِبَتَهُ، وَلَا إقْرَارَهُ - وَهَذَا تَلَاعُبٌ بِالدِّينِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ]
١٩٦٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا - فَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا تَكُونَ طَالِقًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ - وَسَوَاءٌ عَيَّنَ مُدَّةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً أَوْ قَبِيلَةً أَوْ بَلْدَةً - كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَا يَلْزَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute