للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» .

وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فَهُوَ مُمَلَّكٌ إيَّاهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْف شَاءَ، مَا لَمْ يَمْنَعْهُ قُرْآنٌ، أَوْ سُنَّةٌ - فَبَطَلَتْ هَذِهِ الْقِسْمَةُ بِيَقِينٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ - وَصَحَّ أَنَّ ابْتِيَاعَ الْعُلُوِّ عَلَى إقْرَارِهِ حَيْثُ هُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ أَنْقَاضِهِ فَقَطْ، فَإِذَا ابْتَاعَهَا فَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهَا عَلَى جَدَرَاتِ غَيْرِهِ، إلَّا مَا دَامَ تَطِيبُ نَفْسُهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِإِزَالَتِهَا عَنْ حَقِّهِ مَتَى شَاءَ.

وَقَدْ مَنَعَ الشَّافِعِيُّ مِنْ اقْتِسَامِ سُفْلٍ لِوَاحِدٍ وَعُلُوٍّ لِآخَرَ

[مَسْأَلَةٌ لَا يَحِلُّ للشريك إنْفَاذُ شَيْءٍ مِنْ الْحُكْمِ فِي جُزْءٍ مِنْ الشَّرِكَة]

١٢٥٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ إنْفَاذُ شَيْءٍ مِنْ الْحُكْمِ فِي جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِمَّا لَهُ فِيهِ شَرِيكٌ، وَلَا فِي كُلِّهِ - سَوَاءٌ قَلَّ ذَلِكَ الْجُزْءُ أَوْ كَثُرَ - لَا بَيْعٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا هِبَةٌ، وَلَا إصْدَاقٌ، وَلَا إقْرَارٌ فِيهِ لِأَحَدٍ، وَلَا تَحْبِيسٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ، كَمَنْ بَاعَ رُبُعَ هَذَا الْبَيْتِ، أَوْ ثُلُثَ هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا، أَوْ مُقَاسَمَتَهُ لَهُ مُمْكِنَةٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا كَسْبٌ عَلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَقَعُ لَهُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ ذَلِكَ الْجُزْءُ أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .

وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» . ١٢٥٨ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا فُسِخَ أَبَدًا - سَوَاءٌ وَقَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِصَّتِهِ أَوْ لَمْ يَقَعْ -: لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا أَصْلًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ عَمَلٌ وَقَعَ بِخِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَهُوَ رَدٌّ.

وَأَيْضًا: فَكُلُّ عَقْدٍ لَمْ يَجُزْ حِينَ عَقْدِهِ بَلْ وَجَبَ إبْطَالُهُ، فَمِنْ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ أَنْ يَجُوزَ فِي وَقْتٍ آخَرَ لَمْ يَعْقِدْ فِيهِ، وَكُلُّ قَوْلٍ لَمْ يُصَدَّقْ حِينَ النُّطْقِ بِهِ فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>