[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ كُلِّ صِنْفٍ مِمَّا بِالْأَصْنَافِ الْأُخَرِ مِنْهَا مُتَفَاضِلًا وَمُتَمَاثِلًا وَجُزَافًا]
مَسْأَلَةٌ: وَجَازَ بَيْعُ كُلِّ صِنْفٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِالْأَصْنَافِ الْأُخَرِ مِنْهَا، مُتَفَاضِلًا وَمُتَمَاثِلًا وَجُزَافًا، وَزْنًا وَكَيْلًا كَيْفَمَا شِئْتَ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.
وَلَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ التَّأْخِيرُ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَأَكْثَرَ، لَا فِي بَيْعٍ وَلَا فِي سَلَمٍ، وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ذَكَرْنَا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ لَمْ يُجِزْ بَيْعَ الشَّعِيرِ بِالْقَمْحِ إلَّا مُتَمَاثِلًا كَيْلًا بِكَيْلٍ - وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، كَمَا قُلْنَا.
بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا -: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ - هُوَ مُحَمَّدٌ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ وَاسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، إلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» .
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذِهِ بِمَسْأَلَةِ نَصِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الشَّعِيرِ بِالْبُرِّ مُتَفَاضِلًا، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ أَنَا يَزِيدُ أَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ - هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ - قَالَا جَمِيعًا: إنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ حَدَّثَهُمْ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ، وَالْوَرِقَ بِالذَّهَبِ، وَالْبُرَّ بِالشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرَ بِالْبُرِّ، يَدًا بِيَدٍ كَيْفَ شِئْنَا زَادَ أَحَدُهُمَا فِي حَدِيثِهِ: الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ، وَلَمْ يَقُلْهُ الْآخَرُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute