بِأَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا مَالًا وَالْآخَرُ مَالًا مِثْلُهُ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَيَخْلِطَا الْمَالَيْنِ وَلَا بُدَّ، حَتَّى لَا يُمَيِّزَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ مِنْ الْآخَرِ، ثُمَّ يَكُونُ مَا ابْتَاعَا بِذَلِكَ الْمَالِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِيهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ، وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ - فَإِنْ لَمْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ابْتَاعَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ، بِهِ رِبْحُهُ كُلُّهُ لَهُ وَحْدُهُ، وَخَسَارَتُهُ كُلُّهَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّهُمَا إذَا خَلَطَا الْمَالَيْنِ فَقَدْ صَارَتْ تِلْكَ الْجُمْلَةُ مُشَاعَةً بَيْنَهُمَا، فَمَا ابْتَاعَا بِهَا فَمُشَاعٌ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا هُوَ كَذَلِكَ فَثَمَنُهُ أَصْلُهُ، وَرِبْحُهُ مُشَاعٌ بَيْنَهُمَا - وَالْخَسَارَةُ مُشَاعَةٌ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْلِطَا الْمَالَيْنِ فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ مَا اُبْتِيعَ بِمَالِ عَمْرٍو، أَوْ مَا رَبِحَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، أَوْ مَا خَسِرَ فِي مَالِ غَيْرِهِ، لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] .
[مَسْأَلَةٌ ابْتَاعَ اثْنَانِ سِلْعَةً بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاء]
١٢٤١ - مَسْأَلَةٌ:
فَإِنْ ابْتَاعَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا سِلْعَةً بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، أَوْ ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ، وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ، فَهَذَا بَيْعٌ جَائِزٌ، وَالثَّمَنُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا، فَمَا رَبِحَا أَوْ خَسِرَا فَبَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا، لِأَنَّ الثَّمَنَ بَدَلُ السِّلْعَةِ.
وَهَكَذَا لَوْ وَرِثَا سِلْعَةً، أَوْ وُهِبَتْ لَهُمَا، أَوْ مَلَكَاهَا بِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَاهَا بِهِ - فَلَوْ تَعَاقَدَا أَنْ يَبْتَاعَا هَكَذَا لَمْ يَلْزَمْ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ بَاطِلٌ
[مَسْأَلَةٌ اشْتِرَاط الشَّرِيكَيْنِ زِيَادَة فِي الرِّبْح لِأَحَدِهِمَا]
١٢٤٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يَحِلُّ لِلشَّرِيكَيْنِ فَصَاعِدًا أَنْ يَشْتَرِطَا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ زِيَادَةٌ عَلَى مِقْدَارِ مَالِهِ فِيمَا يَبِيعُ، وَلَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ خَسَارَةٌ، وَلَا أَنْ يَشْتَرِطَا أَنْ يَعْمَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مَا يُقَابِلُ مَالَهُ مِنْ الْمَالِ وَعَلَيْهِ مِنْ الْخَسَارَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ كُلُّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ بَاطِلٌ.
فَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ عَمِلَ وَحْدَهُ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ أَبَى مِنْ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَجْرُ مِثْلِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ رَبِحَا أَوْ خَسِرَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ، فَاغْتِنَامُ عَمَلِهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ اعْتِدَاءٌ، وَعَلَى الْمُعْتَدِي مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute