للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَاضَى قُرَيْشًا عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ ثَلَاثًا وَجَعَلَ أَجَلَ الْمُصَرَّاةِ ثَلَاثًا، وَخِيَارَ الْمَخْدُوعِ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثًا، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَّلَ ثَمُودَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟ قُلْنَا لَهُمْ: نَعَمْ، هَذَا حَقٌّ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَجَلَ الْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَأَجَلَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَمَا الَّذِي جَعَلَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، فَكَانَ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَهُوَ الْحَقُّ، وَكَانَ مَا أَرَادَهُ مُرِيدٌ أَنْ يَزِيدَهُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِرَأْيِهِ وَقِيَاسِهِ فَهُوَ الْبَاطِلُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة تحصن البغاة فِي حصن فِيهِ نِسَاء أَوْ صبيان]

٢١٦٥ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ تَحَصَّنَ الْبُغَاةُ فِي حِصْنٍ فِيهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَلَا يَحِلُّ قَطْعُ الْمِيرِ عَنْهُمْ، لَكِنْ يُطْلَقُ لَهُمْ مِنْهُ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَقَطْ، وَيُمْنَعُونَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ.

وَجَائِزٌ قِتَالُهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَالرَّمْيِ، وَلَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ بِنَارٍ تُحْرِقُ مَنْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَلَا بِتَغْرِيقٍ يُغْرِقُهُمْ كَذَلِكَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْبُغَاةُ فَقَطْ فَفَرْضٌ أَنْ يُمْنَعُوا الْمَاءَ وَالطَّعَامَ حَتَّى يَنْزِلُوا إلَى الْحَقِّ، وَإِلَّا فَهُمْ قَاتِلُو أَنْفُسِهِمْ بِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ الْحَقِّ.

وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تُوقَدَ النِّيرَانُ حَوَالَيْهِمْ، وَيُتْرَكُ لَهُمْ مَكَانٌ يَتَخَلَّصُونَ مِنْهُ إلَى عَسْكَرِ أَهْلِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ نَارٌ أَوْقَدْنَاهَا، وَمَا أَطْلَقْنَاهُ هُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهَا - إنْ أَحَبُّوا - وَلَا يَحِلُّ - إحْرَاقُهُمْ، وَلَا تَغْرِيقُهُمْ دُونَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْمُقَاتَلَةِ فَقَطْ.

وَلَا يَحِلُّ بِأَنْ يَبِيتُوا إلَّا بِأَنْ نَقْبِضَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ أَمَانَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ الْحُرِّ]

٢١٦٦ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ قَوْمٌ: إنَّ أَمَانَ الْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالرَّجُلِ الْحُرِّ جَائِزٌ لِأَهْلِ الْبَغْيِ.

وَهَذَا عِنْدَنَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ أَمَانَ أَهْلِ الْبَغْيِ بِأَيْدِيهِمْ، مَتَى تَرَكُوا الْقِتَالَ حَرُمَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>