قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ مَخْلُوقٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَأَمَّا الَّذِي قَالَ لِلرَّجُلِ: احْبِسْ لِي الدَّابَّةَ فَصَدَمَتْهُ فَقَتَلَتْهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ بِحَبْسِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا بَاشَرَ فِيهِ إتْلَافَهُ. فَلَوْ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِحَبْسِ الدَّابَّةِ رَمَاهَا فَقَتَلَهَا، أَوْ جَنَى عَلَيْهَا فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُ فَعَلَ مِنْ إتْلَافِهَا، وَمِنْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يُبِحْ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِعْلَهُ، فَهُوَ مُتْلِفٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَجَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمُبَاشِرٌ لِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] ، وَكَذَلِكَ - لَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِهَا، أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا فَفَعَلَ لَضَمِنَ، لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِمَا لَا يَحِلُّ، وَبِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ، فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْأَمْرِ، وَالْمَأْمُورُ أَيْضًا مُتَعَدٍّ بِالِائْتِمَارِ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِمُبَاشَرَتِهِ الْجِنَايَةَ.
وَأَمَّا مَنْ ضَمَّ صَبِيَّةً مِنْ دَابَّةٍ فَرَمَحَتْهَا الدَّابَّةُ فَقَتَلَتْهَا: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ إتْلَافَهَا، وَ " جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ ".
وَأَمَّا الَّذِي حَمَلَ صَبِيًّا فَسَقَطَ فِي مَهْوَاةٍ فَمَاتَ الصَّبِيُّ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ مِنْ وُقُوعِ حَامِلِهِ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّهُ قَاتِلٌ خَطَأً - وَإِنْ كَانَ مَاتَ مِنْ الْوَقْعَةِ لَا مِنْ وُقُوعِ حَامِلِهِ عَلَيْهِ، فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ.
فَلَوْ مَاتَ الْحَامِلُ حِينَ وُقُوعِهِ عَلَى الصَّبِيِّ، أَوْ قَبْلَ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، لِأَنَّهُ لَا جِنَايَةَ عَلَى مَيِّتٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ اللِّصُّ يَدْخُلُ عَلَى الْإِنْسَانِ هَلْ لَهُ قَصْدُ قَتْلِهِ]
٢١١٧ - مَسْأَلَةٌ: اللِّصُّ يَدْخُلُ عَلَى الْإِنْسَانِ هَلْ لَهُ قَصْدُ قَتْلِهِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَصْلَتَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى لِصٍّ بِالسَّيْفِ، فَلَوْ تَرَكْنَاهُ لَقَتَلَهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا نا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: قُلْت لِعِمْرَانِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَرَأَيْت إنْ دَخَلَ عَلَيَّ دَاخِلٌ يُرِيدُ نَفْسِي وَمَالِي؟ قَالَ عِمْرَانُ: لَوْ دَخَلَ عَلَيَّ دَاخِلٌ يُرِيدُ نَفْسِي وَمَالِي لَرَأَيْت أَنْ قَدْ حَلَّ لِي قَتْلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute