إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: قَدْ يَرِثُهَا وَتَرِثُهُ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ أَوْ قَدْ تَشْتَرِيهِ وَيَشْتَرِيهَا وَلَا فَرْقَ.
بُرْهَانُ صِحَّةِ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] فَلَمْ يَسْتَثْنِ اللَّهُ تَعَالَى أَحَدًا مِمَّنْ ذَكَرْنَا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ اعْتِقَادِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِعَقْلِهِ شَيْئًا لَمْ يُشَرِّعْهُ رَبُّهُ تَعَالَى
[مَسْأَلَةٌ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً]
١٨٧٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً، فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا - مُتَغَفِّلًا لَهَا وَغَيْرَ مُتَغَفِّلٍ - إلَى مَا بَطَنَ مِنْهَا وَظَهَرَ - وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَّا إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، لَكِنْ يَأْمُرُ امْرَأَةً تَنْظُرُ إلَى جَمِيعِ جِسْمِهَا وَتُخْبِرُهُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠] فَافْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَضَّ الْبَصَرِ جُمْلَةً، كَمَا افْتَرَضَ حِفْظَ الْفَرْجِ، فَهُوَ عُمُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ إلَّا مَا خَصَّهُ نَصٌّ صَحِيحٌ، وَقَدْ خَصَّ النَّصُّ نَظَرَ مَنْ أَرَادَ الزَّوَاجَ فَقَطْ.
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مُسَدَّدٌ نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ جَابِرٌ فَخَطَبْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ تَحْتَ الْكَرَبِ حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا بَعْضَ مَا دَعَانِي إلَيْهَا» .
وَقَدْ رُوِّينَاهُ - أَيْضًا - مِنْ طُرُقٍ صِحَاحٍ: مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَكَانَ هَذَا عُمُومًا مَخْرَجًا لِهَذِهِ الْحَالِ مِنْ جُمْلَةِ مَا حُرِّمَ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute