إفْزَاعِهِمَا فَفَزِعَا فَمَاتَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ النِّيَّةَ، وَالْمَعْرِفَةَ لَا يُرَاعَى شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي الْخَطَأِ، بَلْ هُمَا مُطَّرَحَانِ فِيهِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا قَصَدَ بِهِ وَنَوَى فَإِنَّهُ عَمْدٌ.
وَاَلَّذِي سَلَّ سَيْفًا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ يُرِيدُ بِذَلِكَ إفْزَاعَهُمَا فَمَاتَا، فَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ ذِي عَقْلٍ سَلِيمٍ أَنَّهُ عَامِدٌ قَاصِدٌ إلَيْهِمَا بِهَذَا الْفِعْلِ، فَإِذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَوَدٌ، وَلَا لَهُ حُكْمُ الْعَمْدِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ الصِّفَاتِ إلَى فِعْلِهِ فَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْخَطَأِ الَّذِي لَيْسَ لِفِعْلِهِ فِيهِ مَدْخَلٌ أَصْلًا - وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فَقَطْ.
[مَسْأَلَةٌ أَدْخَلَ إنْسَانًا دَارًا فَأَصَابَهُ شَيْءٌ]
٢١١٢ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَدْخَلَ إنْسَانًا دَارًا فَأَصَابَهُ شَيْءٌ؟ قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ نا وَكِيعٌ نا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إذَا أَدْخَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُخْرِجَهُ كَمَا أَدْخَلَهُ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ، وَفِي الْبَيْتِ سِكِّينٌ فَوَطِئَ عَلَيْهَا فَقَتَلَتْهُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ شَيْءٌ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَبِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ نَقُولُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَحِلُّ إلْزَامُ أَحَدٍ غَرَامَةَ مَالٍ بِغَيْرِ نَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ وَمَا لَمْ يُتَيَقَّنْ أَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ جَنَاهُ بِعَمْدٍ، أَوْ بِخَطَأٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ دَمَهُ وَمَالَهُ حَرَامٌ، فَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ مَقْتُولًا فَلَهُ حُكْمَ الْقَسَامَةِ.
وَإِنْ ادَّعَى - وَهُوَ حَيٌّ - عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ حُكْمُ التَّدَاعِي، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا مَيِّتًا لَا أَثَرَ فِيهِ، فَالْمَوْتُ يَغْدُو وَيَرُوحُ، وَلَا شَيْءَ بِهِ إلَّا التَّدَاعِيَ، إذْ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُغَمَّ فَلَا يَظْهَرَ فِيهِ أَثَرٌ، فَإِذَا أَمْكَنَ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّدَاعِي - وَلَوْ أَيْقَنَّا أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ شَيْءٌ أَصْلًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ جِنَايَاتُ الْحَيَوَان]
٢١١٣ - مَسْأَلَةُ - جِنَايَاتُ الْحَيَوَانِ، وَالرَّاكِبِ، وَالسَّائِسِ، وَالْقَائِدِ.
قَالَ عَلِيٌّ: قَدْ ذَكَرْنَا الثَّابِتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute