صَعِدَ أُحُدًا فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِرِجْلِهِ: اُثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ؟» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَنْذَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْكَعْبَةَ يَهْدِمُهَا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ غَزْوِهَا - بِلَا شَكٍّ - وَقَدْ صَرَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهَا تُغْزَى بَعْدَهُ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ عُثْمَانَ تُصِيبُهُ بَلْوَى كَمَا تَرَى - فَهَذَا أَنْذَرَ بِأَنَّهُ سَيُقْتَلُ، وَهُوَ قُرَشِيٌّ.
وَصَحَّ يَقِينًا: أَنَّ حَدِيثَ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ مُطِيعٍ، وَعَنْ الْحَارِثِ بْنِ بَرْصَاءَ، لَوْ صَحَّ - وَهُوَ لَا يَصِحُّ - لَكَانَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَغْزُوهَا بَعْدَ يَوْمِهِ ذَلِكَ أَبَدًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُقْتَلُ قُرَشِيًّا صَبْرًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَكَذَا كَانَ، فَإِذْ هَذَا مَعْنَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ لَوْ صَحَّ - بِلَا شَكٍّ - فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقُرَشِيَّ كَغَيْرِ الْقُرَشِيِّ فِي أَنْ يُقْتَلَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ صَبْرًا، كَمَا يُقْتَلُ غَيْرُهُ، وَأَنَّ الْحُدُودَ تُقَامُ عَلَيْهِ، كَمَا تُقَامُ عَلَى غَيْرِ قُرَشِيٍّ، وَلَا فَرْقَ، مَعَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة سَبَّ نبيا أَوْ رسولا أَوْ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ مَلَكًا]
٢٣١٢ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَوْ اللَّهَ تَعَالَى، أَوْ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ إنْسَانًا مِنْ الصَّالِحِينَ، هَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا - إنْ كَانَ مُسْلِمًا - أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ - إنْ كَانَ ذِمِّيًّا - أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، مِمَّنْ يَقُولُ: إنَّهُ مُسْلِمٌ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ ذَلِكَ كُفْرًا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ كُفْرٌ، وَتَوَقَّفَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ: فَأَمَّا التَّوَقُّفُ فَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ كُفْرًا - فَإِنَّنَا رُوِّينَا بِإِسْنَادٍ غَابَ عَنَّا مَكَانُهُ مِنْ رِوَايَتِنَا، إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute