فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِهَا فِي مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمِينَ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِهَا فِي ذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيِّينَ أَوْ عَلَى مُسْلِمِينَ؛ لِعُمُومِ حُكْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنَّهُ لَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صِفَةً مِنْ صِفَةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة فِيمَنْ يَحْلِفُ بِالْقَسَامَةِ]
٢١٥٥ - مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ يَحْلِفُ بِالْقَسَامَةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْقَسَامَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فِيهَا الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ مِنْ عَشِيرَةِ الْمَقْتُولِ الْوَارِثِينَ لَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فِي وُجُوهٍ، مِنْهَا: هَلْ يَحْلِفُ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْعَصَبَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَحْلِفُ الْعَبْدُ فِي جُمْلَتِهِمْ أَمْ لَا؟ وَهَلْ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَحْلِفُ الْمَوْلَى مِنْ فَوْقُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَحْلِفُ الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ فِيهِمْ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَحْلِفُ الْحَلِيفُ أَمْ لَا؟ فَوَجَبَ لَمَّا تَنَازَعُوا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] الْآيَةَ؟ فَفَعَلْنَا - فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ فِي حَدِيثِ الْقَسَامَةِ - الَّذِي لَا يَصِحُّ عَنْهُ غَيْرُهُ - كَمَا قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ قَبْلُ «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ وَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ» فَخَاطَبَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَنِي حَارِثَةَ عَصَبَةَ الْمَقْتُولِ.
وَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ ذِي مَعْرِفَةٍ: أَنَّ وَرَثَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَكُونُوا خَمْسِينَ، وَمَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَحْدَهُ، وَكَانَ الْمُخَاطَبُ بِالتَّحْلِيفِ ابْنَيْ عَمِّهِ مُحَيِّصَةُ، وَحُوَيِّصَةَ، وَهُمَا غَيْرُ وَارِثِينَ لَهُ؟ فَصَحَّ - أَنَّ الْعَصَبَةَ يَحْلِفُونَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ.
وَصَحَّ - أَنَّ مَنْ نَشِطَ لِلْيَمِينِ مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ - سَوَاءٌ كَانَ بِذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى الْمَقْتُولِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ - لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاطَبَ ابْنَيْ الْعَمِّ، كَمَا خَاطَبَ الْأَخَ خِطَابًا مُسْتَوِيًا، لَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute