للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّحْلِيفِ إلَّا الْبَطْنُ الَّذِي يُعْرَفُ الْمَقْتُولُ بِالِانْتِسَابِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَاطِبْ بِذَلِكَ إلَّا بَنِي حَارِثَةَ الَّذِي كَانَ الْمَقْتُولُ مَعْرُوفًا بِالنَّسَبِ فِيهِمْ، وَلَمْ يُخَاطِبْ بِذَلِكَ سَائِرَ بُطُونِ الْأَنْصَارِ - كَبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَبَنِي ظَفَرٍ، وَبَنِي زَعْوَرٍ، وَهُمْ إخْوَةُ بَنِي حَارِثَةَ - فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُدْخِلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِنْ كَانَ فِي الْعَصَبَةِ عَبْدٌ صَرِيحُ النَّسَبِ فِيهِمْ، إلَّا أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَ أَمَةً لِقَوْمٍ فَلَحِقَهُ الرِّقُّ لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُمْ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذْ قَالَ: خَمْسُونَ مِنْكُمْ حُرًّا مِنْ عَبْدٍ - إذَا كَانَ مِنْهُمْ - كَمَا كَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ طِينَتِهِ: عَنَسَ، وَلَحِقَهُ الرِّقُّ لِبَنِي مَخْزُومٍ - وَكَمَا كَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ أَزْدِيًّا صَرِيحًا فَلَحِقَهُ الرِّقُّ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَ فُهَيْرَةَ أَمَةَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَمَا كَانَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو بَهْرَانِيًّا قُحًّا، وَلَحِقَهُ الرِّقُّ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ - فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَلَفَ امْرَأَةً فِي الْقَسَامَةِ - وَهِيَ طَالِبَةٌ - فَحَلَفَتْ، وَقَضَى لَهَا بِالدِّيَةِ عَلَى مَوْلًى لَهَا. وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: لَا تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ أَصْلًا - وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ تَلْزَمُهُ لَهُ النُّصْرَةُ، وَهَذَا بَاطِلٌ مُؤَيَّدٌ بِبَاطِلٍ؛ لِأَنَّ النُّصْرَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُسَدَّدٌ نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا كَانَ أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ» .

وَرَوَيْنَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ نا زُهَيْرُ - هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ - نا أَشْعَثُ - هُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ - ني مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْد بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا: بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ - أَوْ الْمُقْسِمِ - وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>