للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْقُولٌ، لَكِنَّا نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ: إنَّ كِلَا اللَّفْظَيْنِ صَحِيحٌ مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَطْعِ بِالْوَهْمِ وَالْخَطَأِ عَلَى رِوَايَةِ ثِقَةٍ إلَّا بِيَقِينٍ لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ.

وَلَا تَخْلُو " السَّمْرَاءُ " مِنْ أَنْ تَكُونَ لَفْظَةً وَاقِعَةً عَلَى بَعْضِ أَصْنَافِ الْبُرِّ، أَوْ تَكُونَ اسْمًا وَاقِعًا عَلَى جَمِيعِ الْبُرِّ، فَإِنْ كَانَتْ وَاقِعَةً عَلَى جَمِيعِ الْبُرِّ، فَحَدِيثُ هَؤُلَاءِ وَهْمٌ بِلَا شَكٍّ، وَخَطَأٌ بِلَا مَحَالَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ بُرٍّ وَلَا مِنْ بُرٍّ.

وَإِنْ كَانَتْ لَفْظَةُ " السَّمْرَاءِ " وَاقِعَةً عَلَى بَعْضِ أَصْنَافِ الْبُرِّ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يُجْزِيَ فِي الْمُصَرَّاةِ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ كُلِّهَا إلَّا صَاعُ تَمْرٍ فَقَطْ، إلَّا الشَّاةَ وَحْدَهَا، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، كَمَا ذَكَرْنَا، أَوْ صَاعًا مِنْ أَيِّ أَصْنَافِ الْبُرِّ أَعْطَى، حَاشَا " السَّمْرَاءَ " لَا يُجْزِي غَيْرُ التَّمْرِ، وَغَيْرُ " الْبُرِّ " فِي الشَّاةِ إنْ كَانَ كَمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّمْرُ فَقِيمَتُهُ لَوْ وُجِدَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، أَوْ تَكْلِيفُ الْمَجِيءِ بِالتَّمْرِ وَلَا بُدَّ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ بِرَدِّ اللَّبَنِ أَوْ تَضْمِينِهِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي الْخَبَرِ؟ قُلْنَا: وَلَا فِي الْخَبَرِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ، إلَّا أَنَّ اللَّبَنَ مُشْتَرًى مَعَ الشَّاةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَالْوَاجِبُ إمْسَاكُ الصَّفْقَةِ أَوْ رَدُّهَا كَمَا قَدَّمْنَا بِالنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَا، لَا يَتْرُكُ بَعْضُهَا الْبَعْضَ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَالْحَلْبَةُ هِيَ الْفِعْلُ، وَقَدْ تَكُونُ أَيْضًا اللَّبَنَ الْمُحْتَلَبَ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ مَجَازًا، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ اللَّفْظَةِ عَنْ مَوْضُوعِهَا إلَى الْمَجَازِ إلَّا بِنَصٍّ، وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِنَصٍّ -، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة فَاتَ الْمَعِيبُ بِمَوْتٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ تَلَفٍ]

١٥٧٣ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ فَاتَ الْمَعِيبُ بِمَوْتٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ إيلَادٍ أَوْ تَلَفٍ، فَلِلْمُشْتَرِي، أَوْ الْبَائِعِ: الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْهَنْ وَأَخَذَ الْعَيْبَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْغَبْنِ فَمَالُهُ حَرَامٌ عَلَى آخِذِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى رَدِّ الصَّفْقَةِ، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِبَدَلِهِ مِنْ مَالِهِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ غُبِنَ فِي بَيْعِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْغَبْنِ وَلَا بُدَّ.

وَكَذَلِكَ مَنْ اشْتَرَى زَرِيعَةً فَزَرَعَهَا فَلَمْ تَنْبُتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا كَمَا هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>