للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذِهِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ فِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُبْطِلْ نِكَاحَهَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعَ تَقْدِيرِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ إحْلَالَهَا لِرِفَاعَةِ، لَكِنْ لَمَّا أَنْكَرَتْ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَطِئَهَا، ثُمَّ لَمَّا عَلِمَتْ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَطَأَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الْإِنْكَارِ، وَأَقَرَّتْ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا.

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنْ كَانَ إنَّمَا بِهَا أَنْ يُحِلَّهَا لِرِفَاعَةِ فَلَا يَتِمُّ لَهُ نِكَاحُهَا مَرَّةً أُخْرَى» ، إنَّمَا هُوَ بِلَا شَكٍّ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ لِرِفَاعَةِ نِكَاحُهَا مَرَّةً أُخْرَى.

وَالْمَالِكِيُّونَ لَا يَخْتَلِفُونَ إذَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةُ الزَّوْجِ الثَّانِي إحْلَالَهَا لِلْأَوَّلِ وَكَانَتْ هِيَ لَمْ تَنْوِ قَطُّ بِزَوَاجِهَا إيَّاهُ إلَّا لِتَحْلِيلِهَا لِلْأَوَّلِ، فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِذَلِكَ الْعَقْدِ وَبِالْوَطْءِ فِيهِ - وَهَذَا خِلَافٌ لِهَذَا الْخَبَرِ بِيَقِينٍ.

وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ إذَا أَنْكَرَتْ مَسَّ الثَّانِي لَهَا، ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِوَطْئِهِ إيَّاهَا، فَأَقَرَّتْ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا - وَبِهَذَا نَقُولُ: إنَّهَا لَا تُصَدَّقُ، إلَّا حَتَّى يَجْتَمِعَ إقْرَارُهَا وَإِقْرَارُ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ، أَوْ تَقُومَ بِوَطْئِهِ لَهَا بَيِّنَةٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَوْ أَخَذَ لِذَلِكَ أُجْرَةً فَهِيَ أُجْرَةٌ حَرَامٌ، فُرِضَ رَدُّهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا قِيَاسٍ - وَلَا سِيَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي خَصَّ نِيَّةَ الزَّوْجِ الثَّانِي دُونَ نِيَّتِهَا، وَدُونَ نِيَّةِ الْمُطَلِّقِ.

[مَسْأَلَةٌ أَلْفَاظ الطَّلَاق]

١٩٥٢ - مَسْأَلَةٌ: لَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: إمَّا الطَّلَاقُ، وَإِمَّا السَّرَاحُ، وَإِمَّا الْفِرَاقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>