للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] . وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . فَإِنْ كَانَ خَرَجَ بِذَلِكَ إلَى حَدِّ الْمَرَضِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ إلَى حَدِّ الْمَرَضِ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ مُكْرَهٌ مُضْطَرٌّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] . وَلَمْ يَأْتِ الْقُرْآنُ وَلَا السُّنَّةُ بِإِيجَابِ قَضَاءٍ عَلَى مُكْرَهٍ، أَوْ مَغْلُوبٍ؛ بَلْ قَدْ أَسْقَطَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَضَاءَ عَمَّنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَأَوْجَبَهُ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَهُ

[مَسْأَلَةٌ لَا يَلْزَمُ صَوْمٌ إلَّا بِتَبَيُّنِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي]

٧٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَلْزَمُ صَوْمٌ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ إلَّا بِتَبَيُّنِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي، وَأَمَّا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ مُبَاحٌ كُلُّ ذَلِكَ، كَانَ عَلَى شَكٍّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ.

فَمَنْ رَأَى الْفَجْرَ وَهُوَ يَأْكُلُ فَلْيَقْذِفْ مَا فِي فَمِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، وَلْيَصُمْ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ وَمَنْ رَأَى الْفَجْرَ وَهُوَ يُجَامِعُ فَلْيَتْرُكْ مِنْ وَقْتِهِ، وَلْيَصُمْ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَانَ طُلُوعُ الْفَجْرِ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ، فَلَوْ تَوَقَّفَ بَاهِتًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَصَوْمُهُ تَامٌّ؛ وَلَوْ أَقَامَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ شَرِبَ فَهُوَ عَاصٍ لَهُ تَعَالَى، مُفْسِدٌ لِصَوْمِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى - الْقَضَاءِ؛ فَإِنْ جَامَعَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ -: بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] وَهَذَا نَصُّ مَا قُلْنَا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْوَطْءَ وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَنَا الْفَجْرُ، وَلَمْ يَقُلْ تَعَالَى: حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَلَا قَالَ: حَتَّى تَشُكُّوا فِي الْفَجْرِ؛ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ، وَلَا أَنْ يُوجِبَ صَوْمًا بِطُلُوعِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْمَرْءِ، ثُمَّ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْتِزَامَ الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا الْفَرَبْرِيُّ ثنا الْبُخَارِيُّ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ الْقَاسِمُ: عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ نَافِعٌ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>